٧ - قوله (واستدلت به الحنفية على جواز العقود الفاسدة في دار الحرب) الخ. يعني أن الحنفية استدلوا بمراهنة أبي بكر الصديق مع أُبي بن خلف، وعلم النبي -صلى الله عليه وسلم- بذلك وإقراره عليه، وأمره أبا بكر أن يتصدق بما ربحه من الإبل، استدلوا بذلك على جواز القمار وغيره من العقود المحرمة، مع أعداء الإسلام في دار الحرب، ومنع ذلك الشافعية، وأجابوا عن الاحتجاج بفعل أبي بكر أن ذلك كان قبل أن يحرم القمار، وحينئذ لا حجة فيه على جواز القمار مع المحاربين ولا غيره من المحرمات كالربى، فلا يجوز التعامل بالربا، لا مع المسلمين ولا مع المسالمين، ولا مع المحاربين، وهذا هو الصحيح، لأن المراهنة على ما يظهر كانت في مكة قبل الهجرة. ويؤيد ذلك ما جاء في بعض روايات الحديث أن هزيمة الروم وقعت بعد المراهنة بسبع سنين.
ومن المعلوم أن آية تحريم القمار، وهي قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}[المائدة: ٩٠] نزلت بالمدينة. والخمر التي حرمت مع القمار في الآية كانت حلالا عند ما قدم النبي -صلى الله عليه وسلم- المدينة، وكانت تشرب ويتجر فيها، ثم حرمت بعد ذلك أولا في أوقات الصلاة بقوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ}[النساء: ٤٣] ثم حرمت بتة بآية المائدة.
٨ - قوله (والآية من دلائل النبوة) الخ. هذه معجزة باقية خالدة يستوي في إدراكها من كان في زمان النبي -صلى الله عليه وسلم- وشاهدها بنفسه، ومن يأتي بعد ذلك إلى يوم القيامة، لأن سورة الروم مكية، وكان المسلمون عند نزولها في غاية القلة