محرمة شرعًا، ولا ترى العرب أن تتأدب بأدب الكنيسة النصرانية وأتباعها الذين يقول لسان حالهم ومقالهم: افعل كل شيء، ولا تقل شيئا والعكس عند العرب هو الصواب.
فالحريري في مقاماته كان عفيف النفس، ولكنه لم يتحرج من التعبير عن المعاني والأشياء الواقعة التي لا ينفك الناس عنها. ومن يريد أن يقلد الكنيسة وأتباعها، ويستهجن مخالفتها يلزمه أن يحذف أربعة أخماس المقامات الحريرية، ويحذف قسمًا كبيرًا من الأدب العربي شعره ونثره، وذلك هو الخسران المبين.
وقد كان ابن عباس سائرًا محرمًا في طريقه إلى الحج، فأخذ ينشد بيتًا وهو:
وهن يهمسن بنا هميسا ... أن تصدق الطير ننك لميسًا
فقال له رجل: كيف تقول هذا، وأنت محرم بالحج، وقد قال الله تعالى:{فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج} فقال له ابن عباس: إنما الرفث ما كان بحضرة النساء. أكتفي بهذا القدر وموعدنا المقال التالي بحول الله وقوته.