الحاضر وإذا أردت تزداد أن علمًا بذلك فعليك بمطالعة كتاب عيون الأنباء في طبقات الأطباء، لابن أبي أصيبعة، فإنك ترى أولئك الأطباء الذين ترجم لهم متبحرين متفننين في علوم كثيرة، إذا رأيت اطلاعهم في كل علم منها تقول: إنهم لا يحسنون غيره، وهذه مزية خاصة بعلماء الإسلام.
أما المثقفون في هذا العصر، فأغلبهم لا يحسن من العلوم إلا ما اختص به، ومن عجائب ما رأيت في ذلك أني كنت أتحدث في مستشفى العيون التابع لجامعة بُون بألمانيا مع رئيس المستشفى، وهو أحد العلماء العشرة الذين يتألف منهم مجلس الجامعة الأعلى، وهو الدكتور البروفيسور (شميت schmit) وكان ذلك سنة ١٩٥٤ م فوجدته يعتقد وجود الدولة العثمانية واستمرار سلاطينها، مع أنه بلغ الغاية في علم الطب، حتى أنه يدعى من الولايات المتحدة ليسافر إلى هناك لإجراء الأعمال الجراحية وإلقاء المحاضرات، وقد بلغ جهله بالتاريخ إلى ما رأيت.
وهذا الحديث أيضا يدل على أن العشق لا يكون إلا لمن تمكن مباشرته. ثم راجعت الجامع الصغير فوجدته ذكر حديثين في هذا الباب، أحدهما عن عائشة، ونصه:(من عشق فعف، ثم مات، مات شهيدا). رواه الخطيب، وأشار إليه السيوطي بعلامة الضعف.
والثاني: عن ابن عباس: (من عشق فكتم وعف فمات، فهو شهيد). رواه الخطيب، وأشار إليه السيوطي بعلامة الضعف أيضا.
وإن صدق الأنطاكي في نقله صحة الحديث عن الإمام الحافظ علاء الدين مغلطاي، فإنه حجة في علم الحديث. ويؤيد ما ذكرناه أن حب الله، ذكر في القرآن، في مواضع عديدة، ولم يعبر عنه بالعشق. وحب الرسول صلى الله عليه وسلم جاء