فعلت شيئا وهناك من يكرهه تقول فعلت ذلك على رغم أنفه فإما أن يراد بذلك بقصد أن أذله، وعبر بالأنف لأن المستكبر يشمخ بأنفه، أي يرفعه عزا وتكبرا، انتهى.
فخفض الأنف وإلصاقه بالتراب، وإذلاله ضد شموخه وهو رفعه، فلذلك يعبر برغم الأنف عن الذلة والإهانة والقسر والإكراه وبشموخ الأنف عن الرفعة والتكبر. أما قوله: حضر الاحتفال برغم كثرة أشغاله. مثلا، فهو استعمال فاسد، مأخوذ من الترجمة الفاسدة لكلمة Onsefite وفي كل من الفرنسية والألمانية كلمة تشبه هذه الكلمة في المعنى، والاستعمال العربي الصحيح أن يقال فلان حضر الاحتفال مع كثرة أشغاله، أو مع كونه مريضا، وتستعمل على، في موضع مع، قال تعالى في سورة البقرة الآية (١٧٧){وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ}. الآية، أي أعطى المال مع حبه له، ولا يقال بالرغم من حبه له، كما يقوله من يأخذ إنشاءه من الصحف والإذاعات، وقال تعالى في سورة الرعد الآية (٦){وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ}. وقد استشهد ابن هشام في المغنى بآية البقرة وآية الرعد على أن (عَلَى) فيهما للمصاحبة بمعنى مع، ولا يقال ولو في خارج القرآن وإن ربك لذو مغفرة للناس بالرغم من ظلمهم، وقد تبين معنى على، وبقي علينا أن نذكر تفسير قوله تعالى:{وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ}.
فقد يتوهم متوهم أن المعنى: أن الله يغفر للناس مع استمرارهم على الظلم، ظلم بعضهم لبعض، وذلك باطل، قال الحافظ ابن كثير في تفسيره، وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم، أي أنه تعالى ذو صفح وستر للناس مع أنهم يظلمون، ويخطئون بالليل والنهار. ثم قرن هذا الحكم بأنه شديد العقاب، ليعتدل الرجاء والخوف كما قال تعالى: {فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ وَلَا