للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وهكذا قال مجاهد والحسن وقتادة وعبد الرحمن بن يزيد بن أسلم وغيره.

والدليل على ذلك قوله تعالى إخبارًا عن أهل النار أنهم قالوا: ﴿لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (٤٣) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (٤٤) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ (٤٥) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (٤٦) حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ﴾.

وفي الصحيح (٨٠): من حديث الزهري، عن خارجة بن زيد بن ثابت، عن أمّ العلاء امرأة من الأنصار: أن رسول الله لما دخل على عثمان بن مظعون وقد مات، [قلت] [١]: رحمة الله عليك أبا السائب! فشهادتي عليك لقد أكرمك الله. فقال رسول الله : "وما يدريك أن الله أكرمه؟ " فقلت: بأبي وأمي يا رسول الله فمن؟ فقال: "أما هو فقد جاءه اليقين، و [٢] إني لأرجو له الخير".

ويستدل من هذه [٣] الآية الكريمة وهي قوله: ﴿وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ﴾ على أن العبادة كالصلاة ونحوها واجبة على الإِنسان ما دام عقله ثابتًا، فيصلي بحسب حاله، كما ثبت في صحيح البخاري (٨١) عن عمران بن حصين : أن رسول الله قال: "صل قائمًا، فإن لم تستطع فقاعدًا، فإن لم تستطع فعلى جنب".

ويستدل بها على تخطئة من ذهب من الملاحدة إلى أن المراد باليقين: المعرفة، فمتى وصل أحدهم إلى المعرفة سقط عنه التكليف عندهم، وهذا كفر وضلال وجهل، فإن الأنبياء كانوا هم وأصحابهم أعلم الناس بالله، وأعرفهم بحقوقه وصفاته، وما يستحق من التعظيم، وكانوا مع هذا أعبد الناس [٤] وأكثر الناس عبادة، ومواظبة على فعل الخيرات إلى حين الوفاة، وإنما المراد باليقين هاهنا الموت كما قدمناه، ولله الحمد والمنة، والحمد لله على الهداية، وعليه الاستعانة والتوكل، وهو المسئول أن يتوفانا على أكمل الأحوال وأحسنها، فإنه جواد كريم.


= عبد الرحمن عن سالم بن أبي الجعد، والله أعلم بالصواب.
(٨٠) - أخرجه البخاري، كتاب: الجنائز، باب: الدُّخول على الميت بعد الموت إذا أدرج في أكفانه (١٢٤٣)، والنسائي في "التعبير" من "الكبرى" (٤/ ٧٦٣٤)، وأحمد (٦/ ٤٣٦).
(٨١) - صحيح البخاري كتاب: تقصير الصلاة، باب: إذا لم يطق قاعدًا صلى على جنب (١١١٧)، وانظره أطرافه عند رقم (١١١٥)، وأخرجه أبو داود (٩٥١، ٩٥٢)، والترمذي (٣٧١، ٣٧٢)، وابن ماجة (١٢٢٣)، وأحمد (٤/ ٤٢٦).