مختصره، وهو منهج دقيق في تحرير المعتمد للفتوى دقة تتسم بالتواضع والورع، والحرص على التأكد من ما يرجحه؛ ولذا ترك الباب مفتوحاً لمن يأتي بعده من العلماء ليدلوا بدلوهم، ويضربوا بسهمهم في تحقيق الراجح المعتمد في الأقوال في مذهب مالك في ضوء القواعد والضوابط التي حررها علماء المالكية، وحرصوا على متابعة تطبيقها وعلى رأسها قاعدة: ما يجري به العمل.
استهل القرن الثالث عشر "وسمعة أعلام الأزهريين قد ضربت ما بين المشرق والمغرب بكتبهم التي شاعت في عصرهم، وعم الإقبال عليها"(١). ونالت كتب العدوي، والدردير، والأمير، والدسوقي اعتماد علماء المالكية بعامة، والمصريين بخاصة، وصارت كتبهم مدار اعتماد الدارسين والمفتين. وقابل ظهور هؤلاء الأعلام المصريين ظهور أعلام من العلماء المغاربة، اشتهرت مؤلفاتهم في المغرب بخاصة وأقطار الشمال الأفريقي بعامة.
وظهر تأير مؤلفات العلماء المصريين بترجيحات وآراء علماء المغرب واضحاً في كتاب الشرح الكبير للدسوقي، حيث اعتمد فيه على آراء العلماء المصريين وتحريراتهم، كالعدوي، والأمير، جنباً إلى جنب مع آراء وتحريرات الشيخ البناني على حاشية الزرقاني، مازجاً بذلك بين المنهجين: المصري، والمغربي اللذين سلكهما