للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كما استدلوا بحديث عثمان بن أبي العاص حين قال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: اجعلني إمام قومي. قال: "أنت إمامُهم" (١).

أمّا مَن منع ذلك، فاستدل بحديث عبد الرحمن بن سمرة -رضي الله عنه- أنّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال له: "لا تسأل الإمارة، فإنّك إن أعطيتَها عن مسألة وُكلت إليها، وإن أُعطيتها من غير مسألة، أُعِنت عليها" (٢).

فنهاه النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أن يسأل الإمارة، وبين له السبب؛ أنّ مَن أُعطيها عن مسألة، وُكِلَ إليها، ولم يعنه الله، ومَن أتته من دون مسألة، أعانه الله عليها.

واستدلوا أيضاً بأن رجلًا طلب من الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن يكون عاملًا، فقال: "إنا لا نوليِّ هذا الأمر أحدًا سأله" (٣). وهذا يدلُّ على أَنَّه لا يسأل، وأنّ مَن سأل، فليس أهلًا لأن يولَّى.

وفصَّل آخرون، فقالوا: إنْ سألها لإصلاح ما فسد منها، فإن ذلك جائز، إذا علم مِن نفسه القدرة، وإلا فلا يجوز، لأنَّ السلامة للإنسان أسلم.

وهذا القول التفصيلي هو الصَّحيح، لأنَّ به تجتمع الأدلة، فإن الإنسان، مثلًا، إذا رأى ولايةً قام عليها شخص ليس أهلاً لها، إمّا


(١) أخرجه أبو داود، كتاب الصَّلاة، باب أخذ الأجرة على التأذين (٥٣١)، والنَّسائيُّ، كتاب الأذان، باب اتخاذ المؤذِّن الذي لا يأخذ على أذانه أجرًا ٢/ ٢٣ (٦٧١).
(٢) أخرجه البُخاريّ، كتاب الأيمان والنذور، باب قول الله تعالى من {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} (٦٦٢٢)، ومسلم، كتاب الإيمان، باب ندب من حلف يميناً (١٦٥٢).
(٣) أخرجه البُخاريّ، كتاب الأحكام، باب ما يكره من الحرص على الإمارة (٧١٤٩).

<<  <   >  >>