نجاسة الماء الطاهر ولو غلب على ظنك أنه نجس فهو طاهر، وإذا شككت هل أحدثتَ، ولو غلب على ظنك أنك أحدثت فأنت طاهر، وعللوا ذلك بأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال:"لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً"(١) يعني حتى يتيقن ولا عبرة بالظن.
يقول الله تعالى: {بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ (٨)} بل: للإضراب الانتقالي لا الإبطالي {بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ} قال المؤلف: أي: [لم] وهذا تفسير ببعض المعنى؛ لأن "لما" و"لم " تشتركان في النفي لكنهما تختلفان فيما عداه، لأن "لم" لنفي غير المتوقع، و"لما" لنفي المتوقع القريب، فإذا قلت: لم يقم زيد، فهذا نفي لقيامه على وجه لا يتوقع منه القيام، وإذا قلت: لما يقم زيد، فهو نفي لقيامه على وجه يتوقع منه القيام عن قرب، وعلى هذا فقوله:{لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ} أي: لم يذوقوه ولكن سيذوقونه قريباً.
قالوا: و"لما" تأتي على أوجه: تأتي نافية فتجزم الفعل المضارع كما تجزمه "لم"، وتأتي بمعنى حين، وتأتي شرطية، وتأتي استثنائية. هذه أربعة أوجه. تأتي نافية كنفي "لم" لكنها تختلف عنها بأن منفي "لم" لا يتوقع، ومنفيها يتوقع قريباً، مثل هذه الآية، وتأتي شرطية كقوله تعالى:{فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا}[هود: ٨٢]، وتأتي استثنائية كقوله تعالى:{إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ}[الطارق: ٤] أي: ما كل نفس إلا عليها حافظ، وتأتي بمعنى "حين" فتقول: قدمت البلد
(١) أخرجه البخاري، كتاب الوضوء، باب لا يتوضأ من الشك حتى يستيقن (١٣٧)، ومسلم، كتاب الحيض، باب الدليل على أن من تيقن الطهارة ثم شك (٣٦١).