للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لما طلعت الشمس، أي: حين طلعت الشمس. قال: {بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ (٨)} يذوقوا أصلها يذوقون لكن حذفت النون للجزم، لأن "لما" من حروف الجزم.

وقوله: {عَذَابِ} قد يشكل على طالب العلم، وهو أن الفعل واقع عليه، وهو مع ذلك لم يُنصَب، أي لم يقل: بل لما يذوقوا عذاباً، فكيف توجيه ذلك؟ كيف لم ينصب {عَذَابِ} مع أن الفعل واقع عليها؟ والجواب عن ذلك أن نقول: إن {عَذَابِ} أصلها: عذابي بالياء، والمضاف إلى ياء المتكلم تقدر عليه الحركات، ولذلك لا بد أنه يكسر من أجل مناسبة الياء، فتكون الحركات مقدرة عليه، وعلى هذا فنقول: عذاب مفعول يذوق، منصوب بفتحة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم المحذوفة تخفيفاً، منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة المناسبة، والياء هنا حذفت للتخفيف، وهذا كثير في القرآن واللغة العربية أن تحذف ياء المتكلم للتخفيف، كما في قوله تعالى: {الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ} [الرعد: ٩] {وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ} [الرعد: ١١] والتقدير: المتعالي، ومن والي.

وقوله: {بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ (٨)} العذاب ليس مطعوماً يذاق، ولكن الإصابة به ذوق، وذوق كل شيء بحسبه، فإذا أعطيتك قطعة لحم ومضغتها فهذا ذوق، وإذا ضربتك وأحسست بالضرب فهذا ذوق، فذوق كل شيء بحسبه، وليس ذوق العذاب كذوق الطعام والشراب، بل هو ذوق مناسب له {لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ}. قال المؤلف: [ولو ذاقوه لصدَّقوا النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فيما جاء به] ولكن هذا

<<  <   >  >>