خَيْرٌ وَأَبْقَى} [طه: ٧٢ - ٧٣] فصمدوا أمام هذا الطاغية العنيد. لقد كانوا في أول النهار من السحرة الكفرة، وصاروا في آخر النهار من المؤمنين البررة، وبقي فرعون مستمرًا على طغيانه -والعياذ بالله- حتى أهلكه الله بالغرق بجنس ما كان يفتخر به على قومه وعلى موسى حين قال:{وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي}[الزخرف: ٥١] فأهلك بالماء الذي كان يفتخر به.
وقول المؤلف في قوله تعالى:{وَفِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتَادِ} قال: [كان يَتِدُ ... ] إلى آخره. الذي يظهر أن هذا ليس سبب الوصف بذي الأوتاد، وإنما السبب الحقيقي أن يراد بالأوتاد القوة التي ثَبَّتَ بها ملكه، كأوتاد الخيمة تثبت بها الخيمة، ولا يبعد أن يكون من جبروته أن يضع أوتادًا أربعة يصلب عليها الإنسان ويعذبه، لكن هذا لا يمكن أن يمتدح به فرعون على أنه ذو قوة، بل الصحيح المراد بالأوتاد هنا ما كان عليه من القوة التي ثبَّت بها ملكه، كأوتاد الخيمة تثبت بها الخيمة.
قال الله تعالى: {وَثَمُودُ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ أُولَئِكَ الْأَحْزَابُ (١٣)} قوله: {وَثَمُودُ} معطوفة على {قَوْمُ نُوحٍ} يعني: وكذبت قبلهم ثمود أصحاب صالح، وهم في مكان يقال له: الحِجْر، وتسمى الآن بمدائن صالح. أرسله الله سبحانه وتعالى إليهم ولكنهم كفروا به، ولم يؤمن معه إلا قليل، وآتاهم الله تعالى آية عظيمة، وهي ناقة يحلبونها يومًا وتشرب الماء يومًا آخر. وقيل: إن الواحد منهم يأتي