للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السلام وهذا ملك الجبال يفعل ما تأمر به، فقال له ملك الجبال: إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين لفعلت، ولكن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: "بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده، لا يشرك به شيئًا" (١) اللهم صلِّ وسلم عليه.

انظر إلى العفو وإلى النظر البعيد، فأخرج الله -ولله الحمد- من أصلاب هؤلاء مَن عبد الله ولم يشرك به، وكانوا أئمة يهدون بأمر الله، فالنبي عليه الصلاة والسلام يجد المضايقات العظيمة من قريش لكنه يصبر على كل أذى، ولهذا قال الله له: {اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ} [ص: ١٧] اصبر على ما يقولون من أقوال الاستهزاء والسخرية والكذب، قالوا: إنه ساحر مجنون كذاب كاهن، ولكنه يصبر، صبر على ما يقولون، وصبر على ما يفعلون أيضًا، أعظم شيء علمت به أنه كان ذات يوم ساجدًا عند الكعبة في آمن مكان، وأعظمه حرمة، وأقرب ما يكون من ربه، ساجدًا لله، وكان حوله ملأ من قريش، فقالوا: من ينتدب لنا يأتي بسلا جزور بني فلان يضعه على محمَّد وهو ساجد، فانتدب أشقاهم، وذهب وأتى بسلا الجزور ووضعه على ظهره، دم وروث وقدر ونجاسة على ظهره وهو ساجد، ولكنه لم يقم من السجود حتى جاءت ابنته فاطمة وهي صغيرة فأزاحته عنه، فقام - صلى الله عليه وسلم -، ثم لما فرغ من الصلاة دعا الله عليهم، فأجاب الله دعوته، فعذبهم بيده، وسُحِبوا في قليب بدر في غزوة بدر جثثًا منتنة خبيثة،


(١) أخرجه البخاري، كتاب بدء الخلق، باب إذا قال أحدكم: آمين والملائكة في السماء (٣٢٣١)، ومسلم، كتاب الجهاد والسير، باب ما لقي النبي - صلى الله عليه وسلم - من أذى المشركين (١٧٩٥).

<<  <   >  >>