للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وطرحوا في أحد الآبار هنالك (١). اللهم انصر الحق أينما كان يا رب العالمين.

قال تعالى: {اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ} الخطاب في قوله تعالى: {اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ} لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أمره الله أن يصبر على ما يقوله له أعداؤه مما يتعلق بجانب الرب عَزَّ وَجَلَّ من إنكار توحيده، ومما يتعلق بالرسول - صلى الله عليه وسلم - من وصفه بأنه كذاب وساحر ومجنون، ومما يتعلق بأصحابه، وكل ما يقولون مما يسوءُ الرسولَ عليه الصلاة والسلام. أمره الله تعالى أن يصبر عليه، وكذلك أيضًا أن يصبر على ما يفعلون؛ لأن أذية المشركين له كانت بالقول وبالفعل جمعًا وإفرادًا.

والصبر هو حبس النفس عما لا يجوز في مقابلة البلية والمصيبة. وقد قسم العلماء رحمهم الله الصبر إلى ثلاثة أقسام فقالوا: صبر على أقدار الله المؤلمة، وصبر عن محارم الله، وصبر على طاعة الله، وهذا الأخير هو أعلى أنواع الصبر, لأن الصبر الأول هو صبر قهري. فالصبر على المصائب صبر قهري, لأن المصائب لم تقع باختيارك، وإنما هي بغير إرادتك فأنت أمامها إما أن تصبر صبر الكرام، وإما أن تسلوا سلوَّ البهائم، ثم الصبر عن محارم الله دون الصبر على أوامره، وذلك أن الصبر على محارم الله ليس فيه إلا كف النفس فقط، والكف أسهل من الفعل، وأما الصبر على الطاعة فهو أعلاها؛ لأن فيه صبرًا على


(١) أخرجه البخاري، كتاب الوضوء، باب إذا ألقي على ظهر المصلي قذرًا أو جيفة (٢٤٠)، ومسلم، كتاب الجهاد والسير، باب ما لقي النبي - صلى الله عليه وسلم - من أذى المشركين (١٧٩٤).

<<  <   >  >>