نكذبها. والبعيد من الواقع الذي لم يرد عن معصوم يُكَذَّب, لأنه ليس فيه خبر ثابت، فإذا لم يكن هناك خبر ثابت رجعنا إلى تحكيم العقل. فهل يعقل مثلًا أن يكون عند داود كلّ ليلة ثلاثون ألفًا يحرسون محرابه! على كل حال هذا خبر إسرائيلي، وأقرب ما يكون عندي أنه كذب، وأنه إن صح أن عنده حرسًا فليكونوا خمسة أو عشرة وما أشبه ذلك، ثم إنه سيأتينا في قصة الخصوم أنهم تسوروا المحراب، فهل يتسورون المحراب وحوله ثلاثون ألفًا؟
فالحاصل أن مثل هذه القصص الإسرائيلية تكون عندنا على ثلاثة أوجه:
الأول: ما شهد شرعنا ببطلانه فهو باطل.
الثاني: ما شهد شرعنا بصدقه فهو حق بشهادة شرعنا.
الثالث: ما لم يشهد شرعنا بخلافه فإننا نرجع إلى العقل إن كان قريبًا فإننا لا نصدق ولا نكذب، وإن كان بعيدًا فإننا نكذب, لأن هذا لما انتفى فيه الدليل الشرعي، نرجع فيه إلى الدليل العقلي، فإذا كان العقل يستبعده أبعدناه.
يقول تعالى: {وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ (٢٠)} آتيناه: أعطيناه، وهناك فرق بين آتيناه وأتيناه، آتيناه بمعنى أعطيناه، وتنصب مفعولين، من باب كسى، وأتيناه بمعنى جئناه، وتنصب مفعولًا واحدًا {قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ}[فصلت: ١١] أي: جئنا طائعين، {وَأَتَيْنَاكَ بِالْحَقِّ}[الحجر: ٦٤] أي: جئناك بالحق، أما آتى بالمد بمعنى أعطى، فتنصب مفعولين ليس أصلهما المبتدأ والخبر، قال تعالى: {وَآتَيْنَاهُ