تقول والبَيْن تغْشاها ركائبُه ... بمَدْمَعٍ فوق روضِ الخدِّ مُنْحدِرِ
لا تعتِبِ الدهرَ إن حالَتْ خلائقُه ... فصَفْوُ رَوْنَقِه لم يخْلُ من كَدَرِ
وإن تَرُمْ تتَّقى من صَرْفِه نُوَباً ... فالْجأْ لظلِّ عماد الدِّين تسْتتِرِ
مولَى غدَا رَبْعُه أمْنَ المَرُوعِ كذا ... جنابُه ظلَّ مأوَى الخائفِ الْحَذِرِ
لا زال يسمُو إلى العَلْياء مُرتقِياً ... بسُؤُدَدٍ مجدُه عالٍ على الزُّهرِ
حتى امْتطَى صَهَواتِ المجدِ ساميةً ... يخْتالُ في حُلَلِ الأوْضاحِ والغُرَرِ
بهِمَّةٍ تُجْتَلَى كالليثِ ذا أشَرٍ ... وعَزْمْهٍ كمضاءِ الصَّارمِ الذَّكرِ
ما فاضلٌ قطُّ جارَاه إلى أمدٍ ... في البحْثِ ألا انْثَنى بالعِيِّ والحصَرِ
أقْلامُه السُّمْرُ في بِيض الطُّروسِ إذا ... سمَتْ أرَتْكَ فِعالَ البِيضِ والسُّمرِ
له سجاياَ كزَهْرِ الروضِ غِبَّ نَدًى ... وقد تَوشَّحَ بالأبهارِ والغُدَرِ
يْلقاكَ طَلْقَ المُحَيَّا وهْو مُبتسِمٌ ... بمَنِطقٍ وِرْدُه أحْلَى من الصَّدَرِ
ما الروضُ جادَتْ له الأنْواءُ بالبُكَرِ ... فكلّلَتْ دَوْحَهُ الْمُخْضَلَّ بالزَّهَرِ
جادَ الغَمامُ له سَحَّا بوابِلِه ... وقد كسَتْه الصَّبا من رِقَّةِ السَّحَرِ
تخالُ زَهْرَ الأقاحِي في خمائِلِه ... زُهْرَ الْمَجَرَّة صِينَتْ عن يَدِ الغِيَرِ
يَشدو الْحَمامُ على أغْصانِهِ سحَراً ... فيَبعثُ الشَّوقَ في أحْشاءِ مُستعِر
يا فاضلاً قد جلَت أبكارُ فِكْرَتِه ... غُرَّ المعاني بها في أحْسنِ الصُّوَرِ
يا ابنَ الكرامِ ومَن شادُوا بعزْمِهمُ ... ركنَ العُلا سامياً في سالِفِ العُصُرِ