يتيمة الدهر، وبَيْضة البلد، ممن نزلتْ فضائلُه بين العَلْياء والسَّنَد، أخ لمن تجَّنبه الدهرُ شقيق، حُرّ العِرض على أنه عبدُ الصَّديق، فكم له من يدٍ خضراء تنبتُها يدٌ بيضاء، كما اخضرَّت الهِضابُ، من أبيض نسْج خيوط السحاب.
تَمُدُّ له الآفاقُ بِيضَ خيوطِه ... فتنسِجُ منها للثرى حُلَّةً خَضْرَا
وله شعر رَاقَ بجيد الدهر عِقدُه، وعَذُبَ على لسان الدهر المُحلى بالفصاحةِ وِرْدُه، وزها يانِع رياضِه البهيَّة شقِيقُه وَوَرْدُه، مع فضلٍ حَلا في أفْواه الليالي ثناؤُه، وأضاء في دُجَى المشكلاتِ سَنَاهُ وسناؤُه.
له صحائفُ أخلاقٍ مُهذَّبةٍ ... منها الحجَى والعُلا والفضلُ يُنْتَسَخُ
وكانت أخباره تغدو على مسامعي، فتتشوَّقُ إلى لُقْياه أجفانُ عيون مطامعي، حتى لقِيتُه بالروم، فاهتزَّت به أعطافُ المسرَّة، ونِلْتُ به ما هو للرُّوح قُوتٌ وللطَّرف قُرَّة، وعُود الدهر المُورِق يختال في غلائِله، وفَيْنان رَوْضه كأنما سُرِق الحسنُ