تقدم فيها متقلداً قلادة إنشائها، فائقا برسائله على سائر أدبائها.
وكان في عصره من أجل وزرائها، رافلا في حلل الحبور، تبسم له الدولة الأحمدية بثغور السرور.
وعاد إلى القسطنطينية رسولا من ملك الغرب والعود أحمد، معينا للسفارة وهل أحد أولى بالرسالة من محمد؛ لأنه ممن ألقى إليه مقاليد النهى البشر، وسلمت إليه يد التدبير مفاتيح الرأي والحذر.
وكان بها كثيرا ما يجلو على كأس أنسه، ويسامرني بليل سمره ونقسه، ونحن في مضمار المحاورة نتجارى، حتى مضى لنا معه أُويقات أقصر من إبهام القطاة والحبارى، وأقصر من عمر تلاقي الأحباب، بل سالفة الذباب؛ لأنه ممن أحكم عرى المجد، وجذب عنان الشعر وأحكم الحل والعقد.
فكنت إذا جاذبته أهداب الآداب، وأجلت في ناديه قداح الخطاب، كأني جاث بن الفرزدق أو جرير، لأنه بصير بعورات الكلام خبير.