هو فيما بَلغني روضٌ مُخصِب ربيع، من وادٍ بالفضل مَرِبع.
مِن فُرُوعِ الدَّوْحَةِ العَليّة العلَوية، وثمراتِ تلك الشجرةِ النبوية، الباسِقة بما سقاَها من ماء الندى، والمُورقة المُثْمرة بالعلم والهُدَى.
فَخَارٌ لو أنَّ الشمسَ تُكْسى سَنائًهُ ... لما غشِيَتْها المُظْلمِاتُ الدَّوَامِس
أسِر بالأنْدلس في وَقعةٍ أسَرَتْ أفراحَ القلوب، وشَقَّت قلوبَ المؤمنين قبل الُجْيوب، فأصبحَ في حالٍ تعُدُّ المَنايا أمانياَ، ويَرى لضَعْفِ الدّين الموتَ طبيبِاً شافيا.
إذ عَثُرتْ خيولُ الفِتَن والنّقَم، بَذوِى المروءةِ والنّعم، فأرسلَ قصيدةً نعَى بها الإسلام، ونادى ملوكَ الرُّوم وعلَماءها الأعْلام، فلم يجد بها صَفيِا، يقول له لقد أسْمَعْتَ لو ناديتَ حَيا، وذلك في عهد السلطان سُلَيمان، الذي دخل في خبركان، وهي هذه:
لكلّ شئ إذا ما تمّ نُقْصانُ ... فلا يُغَرُّ بطيبِ العيش إنسانُ
هيَ الأمور كما شاهدُتَها دِوَلٌ ... مَن سرَّه زمنٌ ساءتْه أزْمانُ
وعالَمُ الكونِ لا تْبقَى محاسنُه ... ولا يدومُ على حالٍ لها شَانُ