أميرٌ جيشُه الهِمَم، وبحر تغْترِف منه الدِّيَم تسْكَر من ألفاظِه المُدَام، فإذا ساقَطَ الحديث سَقاطَ الدُّرِّ أسْلَمه النِّظام، أو بَدَأ روضُ أدبه قامَت له الأغْصان في الرِّياض على الأقْدام.
رحِيبُ ساحة الصَّدر، وصَلِيب قَناة الصَّبر، لم يعقِد حَبْوَةَ رأْيه إلا بيدِ الحَزْم، ولم يَحُلَّ الدهرُ ما عقَده إلا برَاحِة العزْم، فلا يأكل الطَّيْشُ حِلْمَه، ولا تحُلُّ يدُ النَّوائبِ حَزْمَه.
أدبُه أرقُّ من دمْع السَّحاب، وأصْفَى من ماء الحُسْن في رياض الشَّباب، إلا أنه اقتصر عليه، وجعل جملةَ متاعِه في يديْه، والأدب روضةٌ ذاتُ أفْنان، لا تزْهو إلا إذا كانت ذاتَ أنْواع وألوان؛ فلذا قلَّ ما رُوِىَ شِعْرُه من ماءِ النَّضارة، واكْتَسى غُصْنُ لفظهِ ورَق الغَضارَة، ولم يحضُرْنِي منه الآن غيرُ قوله:
أيا بَحْراً غدَوْنا من نَدَاه ... نُقدِّمُ بعضَ أنعُمِه لديْهِ
كذاك البحرُ ينشَأُ منه غَيْثٌ ... وبعضُ سحابهِ يُهْدَى إليهِ