كنت في عنفوان الشباب أهوى الهزل والخلاعة، مع هذا الأديب، لكثرة ما عنده من الأهواء، فكتبت له يوما، وقد رأيته يتحدث مع بعض الأحداث: ما بال مولاي مغرى بتقديم الذكور على الإناث، ومرتكبا لأثام تطلق بها حور الجنان بالثلاث؛ ذلك لأن الرجل خير من المرأة بالاتفاق، فلذا تخلف عن الخلاق، وشق جيب الشقاق، كما قلت:
أديبٌ مالَ عن حبِّ الغواني ... وبالغلْمان أصبح ذا اكتِراثِ
أقلت برأي أرباب المعاني ... فغلبت الذكور على الإناث
وما سواه من خلاف القياس، وإن لم يخل مثله عن لبس والتباس وإيران تحت لحاف خطر.
وممن خالف المعاني، الأديب الأصفهاني، حيث قال:
هاتيكَ حبيبتي ازْدَهَتني طِيباً ... أوْسَعتُ بها ابنَ هانِئٍ تكْذيباَ
لو أمْعَنت النُّحَاةُ فيها نظراً ... لم تدْعُ إلى المذكَّر منها التَّغليباَ
والتغليب باب واسع الموارد، كثير المصائد والأوابد، فلينظر الصواب، ولا يرسل الباز في الضباب.