للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا النَّوع يُشبِه المدحَ بما يُشبِه الذَّمّ، وعكسَه، ففي صريحِه تشْبيه لطيفٌ، كنَى به عن هَجْوٍ قبيحٍ، وليست بلاغتُه من جَعْل التَّشبيه كنايةً عن معنى آخر؛ فإنه صرِيح، كما حقَّقه السَّيِّد في فن البيان، بل لأمور قصدَها، وليس هذا محلُّ تفصيلها، فإن أردْتَها فانظر كتابَنا) حديقة السحر (.

وله أيضاً يُذكِّر مَن وعَده بتَاسُومة، وهي نعل معروف كالمَدَاس:

رُبَّ تاَسُومةٍ بها قدْ وُعِدْنا ... فإذا قُربُها من النَّجمِ أبْعَدْ

رَبِّ يَسِّرْ حصولَها لمحِبٍّ ... عَلَّهُ للِكمال يَرقَى ويصْعَدْ

عملاً في الورَى بقوْلِ حكيمٍ ... ضَع مكانَ السَّعيِدِ رِجْلَك تَسْعَدْ

وهذا مثل مشهور، بمعنى قول عليٍّ رضي الله تعالى عنه:) صاحِبْ مَن أقبلَ جَدُّه تَسْعدْ (.

وقد قلتُ في مثالِ نعْلِه صلى الله عليه وسلّم:

لمِثالِ النَّعْلِ الشَريفِ لِطه ... شَرفٌ قدرُه من النَّجم أبْعَدْ

وسمِعنا الأمثالَ قالتْ قديماً ... ضَع مكانَ السَّعيِد رجْلَك تَسْعَدْ

وسعيدٌ مِن كان من قَبْل هذا ... أو عليهِْ قد مرَّغ الوَجْهَ والَخْدّ

وما أحق هذا أن يُنشَد له قولُ أبي العَتَاهِيَة:

نَعْلٌ بعَثْتُ بها لتَلْبَسَها ... قدَمٌ بها تَسْعَى إلى المجْدِ

لو كان يصلُح أن أُشَرِّكَها ... خَدِّي جعلتُ شِراكَها خَدِّي

<<  <   >  >>