للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أجارةَ بيْتَيْنا أبوكِ غَيورُ ... وميْسورُ ما يُرْجى لدَيْكِ عَسِيرُ

ومنها:

إليك أتَتْ بالقوْم هُوجٌ كأنَّمَا ... جَماجِمُها تحت الرِّحالِ قُبورُ

قال الصُّولِيّ: أي إبلٌ كأن بها هُوجاً لنشاطٍ في سيْرِها، وهذا التَّشبيه بالقبر حسَن، لكنه أخذَه من قول الوليد:

كأنَّ هاماتِها قبْرٌ على شَرَفٍ ... يْمدُّ للسَّيْرِ أوْصالاً وأصْلابَا

انتهى.

وها هنا أمرٌ نفيس، ينبغي الإصغاء له، لأن الجماجِم الرؤُس، ولو شَبَّه أسْنِمتَها أو الرِّحال التي عليها بالقبور، لكَان مِن المعاني التي لا نَظِير لها. فاسْتِحْسان الصُّوِلِي ليس بحسن، وكان المتأخِّرين إذ كانوا رأَوْه تنبَّهوا لهذا، وهذا من حُسْن الظَّن بالسَّلف، وإلا فللْمقال مجَال.

فإذا فطِنْتَ لما قُلناه، وفهِمتَه علمتَ أن هذا كلَّه لا يصل في الحُسن إلى درجةٍ من درجات قوِلي، من قصيدةٍ لي:

إذا جئتُ داراً قبل لُقيايَ أهلِها ... أُلاقِي قُبوراً للكرامِ أولي المجدِ

عليهْا لقد حطُّوا رِحلاً بمنْزلٍ ... وكم هَوْدجٍ من بينهما مُر تَخِي الشَّدِّ

لينْتَظِروا مَن خَلفَّوه بدُورِهم ... ليلْحقَهم قبلَ القِيامِ بلا جَهْدِ

يقولون جِدُّوا في الرَّحيلِ فإن مَن ... تَبَقَّى أُناسٌ أُرضِعُوا اللُّؤمَ في المْهَدِ

<<  <   >  >>