يُذكَّرُنِيكَ الخْيرُ والشَرُّ والتُّقَى ... وقولُ الْخَنَا والحِلْمُ والعلمُ والجهْلُ
فألْقاكَ في مذْمُومِها مُتنزِّهاً ... وألْقاكَ في محمُودِها ولكَ الفضْلُ
فعاد الرَّائد خائباً، والبَشِير ناعِياً ناعِباً، إذ بدَت مُقْفِرةَ الأرْجاء، مُبَرْقِعةً باليأْسِ وجْهَ الرَّجاء، مِن دارٍ أمواتُها أشْراف، وأحياؤُها أجْلاف، بها ضِعاف عقولٍ يزعمون أنهم ألَّفُوا وصنَّفُوا، كأنَّهم بقيَّةٌ من أهلِ الكتاب الذين بَدَّلوا أو حرَّفوا فعُجْتُ زائراً مقابرَ أطْلالِها، وقد خُيِّل لي أنها أوَّلُ منزل سُفْرٍ بسُروجِها ورحالِها، ينتظِر بها السَّابقون اللاَّحِقين، فقلتُ: السلامُ عليكم دارَ قومٍ مؤمنين، فرَدُّوا وصاحُوا بهاوَاها، وأنْشدني بَدِيهةً صَداها:
يا راكباً حُثَّ المَطِيَّ ... لأرْضِ مصر تَنْتحِيهاَ
جُزْ بالقَرافةِ واقْرأَنْ ... منِّي السلامَ لساكِنيهاَ
وقلِ السَّلامُ على الكرِا ... مِ الأكْرمين الفاضِلِيهَا
لم أَلْقَ بعدَهُمُ بها ... إلا جَهولاً أو سَفِيهاَ
فكأنَّما الدنيَا البخي ... لةُ بالعطاءِ لمُجْتدِيِهَا
صَرفَتْ دَنانِيرَ الْبَهَا ... بنُحاسِ نَحْسٍ من بَنِيهَا
سادتْ بها فَرِقُ العبي ... دِ فأيُّ حُرٍّ يَرْتضِيهَا
فلذا هجَرْتُ مُقامَها ... وطلبْتُ أرضاً أصْطفِيهَا
فإذا مرَرْتَ فلا تَسلْ ... عمَّن نأَى مِن قاطِنيهَا
وقِفِ الْمَطِيَّ بِجَلَّقٍ ... إن الكرامَ الغُرَّ فِيهَا
عُرِفَتْ بعَرْفِ المجدِ ها ... تِيكَ الرُّبوعُ لِساكِنِيهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute