غُذِّي بدَرِّ لِبانِ الفضلِ مُذ زَمنٍ ... فشَبَّ كالنَّارِ لا تعرُوه فَتْراتُ
شيخُ العلومِ ومِفْتاحُ الفُهومِ وغَلاَّ ... بُ الخضومِ إذا عنَّتْ مُلاحاةُ
باهَتْ به أرضُ مصرٍ وازدهَتْ فلِذاَ ... قد كاد أن تحسِدَ الأرضَ السَّمواتْ
قد شاد بيْتَ العُلا فوق السُّهى وله ... مِن فوق ذاك مَقاماتٌ عَلِيّاتُ
تسْتَنُّ أفلامُه في الطِّرسِ من ضرَرٍ ... كأنَّها عند نَفْثِ السُّمِّ حيَّاتُ
فيها النَّقيضانِ مِن نَفْعٍ ومِن ضرَرٍ ... ذاك الأمانِيُّ إذ ذاك المَنِيَّاتُ
مهْمَا اغتدَتْ طَوْعَ باريها مُلازِمةً ... للخَمْس تغدُو لها في الطِّرس سَجْداتُ
أشعارُه الغُرُّ مثلُ الدُّرِّ قد نُظِمتْ ... منها عقودٌ ولكن لُؤلُؤيَّاتُ
ما إن حسَا كاسُ سمْعي من سُلافتِها ... إلا اعْتَرتْنِي لفَرْطِ السٌّكْر نَشْواتُ
لِلّهِ أحجِيةٌ منه أتت فسَرتْ ... منها إلى السَّمْعِ نَفْحاتٌ زَكِيَّاتُ
وأَذْكَرتْني بأن القُدسَ مِن سكَنِي ... وبانَ بالْبَان من شَكْوايَ مَيْلاتُ
والوُرْقُ رقَّتْ لِمَا ألقاه ساجعةً ... كأنها فوقَ غُصنِ الْبانِ قَيْناتُ
وأنت يا أفضلَ العصرِ الذي اجْتمعَتْ ... فيه العلومُ وفي الدَّهْماءِ أشْتاتُ
سامحْ إذا هفوةٌ للذهن قد عرَضتْ ... فكم لمِثلِيَ بالتَّقْصير هَفْواتُ
فسيفُ فكريَ لا لافَيْتُ فيه صدَا ... وكم له عندما أرجوه نَبْواتُ
والجسمُ في غُرْبةٍ والقلبُ في وطنٍ ... لم تُدْنهِ منه أيامٌ ولَيْلاتُ