بنَي غُرَّ أبْحاثٍ له قد تأسَّسَتْ ... فلم يستطِعْ باغِي الجوابِ لها نِقْبَا
إذا كان منه الفهمُ في البحْثِ سابقاً ... وذلك منه لا يفارِقُه دَأْباَ
فأهلاً بَمن يحْيا به مَشْرِقُ العُلا ... وقد كان كالعَنْقاء جاوَزتِ الغَرْبَا
ومن حلَبٍ كان الفِطامُ من الُمنَى ... فقد يبِسَتْ منها ضُروعُ الُمنَى حَلْباَ
إلى أن أتاحَ اللهُ بعضَ بقيَّةٍ ... من الحَزم حتى زَاحَمُوا المنْهَلَ العَذْبَا
فتَبَّاً لمن قد زاغَ عن وُدَّه وقدْ ... تبَدَّى ثَبُوتَ القولِ إذ أظْهَروا اَلحرْباَ
ومُذ قدأتَي هذا الزَّمانُ بمْثِلهِ ... لبيباً عِلمْنا أنه قد حَوى لُبَّا
قدِ اغْدَوْدَقتْ يُمْناه من بَرْقِ بِشْرِه ... وقد سحَبتْ غُرُّ المعالي له سُحْباَ
وأسْقَت أيادِي فضْلهِ سُحُبَ النَّدى ... وقد غرَستْ من حُبَّه في الحشاَ حَبَّاً
له قلمٌ إن ينْفُثِ السَّحْرَ نافعاً ... فما ضَرَّهُ أن لا يغادِرَه عَضْباً
فيا مَن له في مصرَ والشام هِمَّةٌ ... وباَعٌ طويلٌ يَبْهَر الرُّوم والعُرْباَ
على حلَبٍ لَّما قدِمْتُم تبسَّمَتْ ... ثغورُ مبانِيها وتاهَتْ بكم عُجْباَ
وأبناؤُها القومُ الذين مُرادُهمْ ... وِدادٌ ولا يبْغُون مالاً ولا كَسْبَا
على ذا مَضى عهدُ الأخِلاَّءِ والذي ... يرُومُ خِلافَ الوُدَّ يستَوْجِبُ السَّبَّا
وأشكُو إليكَ الدهرَ عَبْدَك إنَّنا ... نُسائِلُه سِلْماً يجاوبُنا حَرْباً
وكم قَعَدتْ عن سبْقِها كلُّ صافِنٍ ... تُساَبِقُها العَرْجاَ وتَلْحَقُها اَلحدْباَ
وإنَّي على فِعْلِ الزمانِ لواجدٌ ... بُكاءً على الخنْساءِ في صَخْرِها أرْبَى
وقد زَعَمُوا أن الدُّخانَ مُجَفَّفٌ ... فداوَيْتُ دَمْعي في تَناوُلِه شُرْباَ