للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مولاي أما الشوق فقد اشتعل ضراما، وكاد عذابه أن يكون غراما، حتى قال فم الجفن: يا نار كوني بردا وسلاما.

فأني ألقي إلي كتاب كريم، فاح منه شميم عرار نجد وما بعد العشية من شميم، فمتعت بما هو أحلى من الوصل بعد الهجر، ومن الأمن بعد الخوف، ومن البرد بعد السقم، ولم أدر أطيف منام، أو زائر أحلام، أم قرب نوى بعد البعاد، أم حبيب وافى بلا ميعاد، من أديب أشرق بدر مجده ساطعا، وألبسني برد المسرة أخضر يانعا.

أهُمُّ ببَسْطِ حِجْرِي لالْتقاطٍ ... إذا حاضَرْتَ بالدُّرِّ النَّسيقِ

فحدانى أن أحث مطي الهمم، إلى نحو كعبة الفضل والكرم، فحركت مجمل الطبع حتى عبق عنبرا وندا، وهززت قضب اليراع على خدي الطرس فانتثر أقاحا ووردا.

وقد كنت ممن زجر عن هذه الصناعة طبعه، فإنها كما قيل كالياسمين لا يساوي جمعه.

ولسان التقصير، كما قيل قصير لاسيما والجود عبد أنت سيده، والفضل عقد أنت مقلده، والبلاغة سوار ليس لغيرك عليه يد، ورداء المعارف مستعار منك، وان كان لا يسترد، وللفصاحة ماء لا يجري في غير ناديك، وينبوعه لا يتدفق إلا من أياديك.

<<  <   >  >>