وأنّى لأهْوَى أن أكونَ مع الصَّبا ... رسولاً إلى البيْضاءِ تُقْضَى مآرِبِى
لدَى ملِكٍ دانى النَّوالِ وكفُّه ... لراجيهِ أندْى من غّيوثٍ سَواكِبِ
على كلَّ خطّ منأسرَّةِ وجْهِه ... دليلٌ على أن الرَّجا غيرُ كاذبِ
لُسدِتِه مأوَى العُفاةِ بَعْثتُها ... قوافِ عسى عَّنى تقومُ بواجبِ
عليها من المدْحِ الإمَامِىّ جوْهرٌ ... ترَقْرَق ماءَ في متونِ القواضبِ
وأنشدني الفاضل عبد العزيز بقسطنطينية قصيدة، منها:
زُجاجةُ الفجْر أبدتْ خَمْرةَ الشَّفقِ ... ولُجَّة الصَّبحِ أخْفَتْ نَرْجسَ الأفُقِ
فبات في زُهُر طِلاً ... وليس غيرُ دخانِ النَّدّ من غَسَقِ
والليلُ قد قلَّد الإصْباحَ حين بدَا ... كأسْودٍ لابسٍ طوْقاً من الورِقِ
وما محاَ الصُّبحُ نِقْسَ الليلِ واسْتَترتْ ... سَوْساَنةُ الفجْرِ يوماً وَرْدةُ الشَّفَقِ
لكن دمُ اللَّيلِ لمَّا سالَ عَنْدَمُه ... أنَتْ لتْقطعَه كافورةُ الفَلَقِ
في روضةٍ أودعَتْها السُّحْبُ سِرَّ شَذاً ... فنَمَّ وَفْدُ الصَّبا عن نَشْرِه العَبِقِ
فيها لكُمْتِ كؤوسِ الرَّاح مُعْتركٌ ... وليس غيرُ اْحمرارِ الوردِ من عَلَقِ
حيثُ الأسِنةُ زُرقٌ من بَنَفْسَجهِ ... وخَضْرُ أوراقهِ فيهنَّ كالدرَقِ
وللشَّقيقِ اْحمرارٌ في جوانِبهِ ... كأنَّهن جِراحاتٌ على نَسَقِ
والرّيحُ فوق مُتُونِ الماء طالعةٌ ... بيضاً على زَرَدٍ مفْكوكة الَحلَقِ
والرّوضُ مثلُ أبى حفْصٍ وبهْجتُه ... كخُلْقِه وشذَا ربَّاهُ كالخلقِ
نَجْلُ السّرِىّ أبى العباس من ظَهرتْ ... آياتُ سُؤددِه في وجْهِه الطَّلقِ
وعلى بنوالها قول الحلي:
فَيْرُوزَجُ الصُّبحِ أم ياقُوتَهُ الشَّفَقِ ... بَدتْ فهيَّجتِ الورْقاءَ في الورَقِ