وكم بخارِجها من مَزْهٍ فرجٍ ... وَجَنَّةٍ حولَها نهرٌ وبُسْتانُ
وأين جارتُها الزَّهْرَاء وقبَّتُها ... واين يا قومُ أبْطالٌ وفُرسانُ
وأين بَسطةُ دارِ الزَّعْفرانِ فهلْ ... رأى شبيهاً لها في الحُسن إنْسانً
وكم شجاع زعيمٍ في الوغَى بطَلٍ ... بدَا له في العِدى فَتْكٌ وإمْعانُ
كم جَنْدلتْ يدُه من كافرٍ فَغدا ... تبْكيهِ من أرْضِه أهلٌ ووِلدانُ
ووَادياً مَن غدَتْ بالكفر عامرةً ... ورُدَّ توحيدُها شِرْكٌ وطُغْيانُ
كذا الْمَرِيةُ دارُ الصّالحين فكمْ ... قُطْبٍ بها عَلمٍ غَوْثٍ له شانُ
تبْكِى الحنيفَّيةُ البيْضاء من أسَف ... كما بكَى لفِراق الإلْفش هَيْمانُ
حتى المحاريبُ تبْكى وهْىَ جامدةٌ ... حَّى المنابرُ تبكى وهىْ عِيدانُ
على ديارٍ من الإسْلام خاليةٍ ... قد أقْفَرتُ ولها بالكفر عمرْانُ
حيثُ المساجد قد أمْسَت كنائسَ ما ... بهِنَّ إلا نَواقيسٌ وصلْبانُ
يا غافلاً وله في الدَّهرِ موعِظةٌ ... إن كنتَ في سِنَةٍ فالدهرُ يْقظانُ
وماشياً مرِحاً يُلْهِيه موطِنهُ ... أبَعْدَ حِمْصٍ تَغُرُّ المرْءَ أوْطانُ
تلك المصيبةُ أنْتْ ما تقدَّمَها ... ومالَها مَعْ طويلِ الدَّهْر نِسيْانُ
يا راكبينً عتِاقَ الخْيل ضامِرة ... كأنَّها في مجالِ السَّبْق عِقْبانُ
وحاملينَ سُيوفَ الهنْدِ مُرهَفةً ... كأنَّها في ظلام الليلِ نِيرانُ