للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

غديرَ ماء تراءَى في أسافِله ... خَيالُ قومٍ تمَشَّوْا في نَواحِيهِ

فالرّجلُ تنُظْرُ مرفوعاً أسافِلُها ... والرأسُ ينُظْرَ منكَوساً أعاليهِ

وقوله) على ما فيه من كدر (من حَشْو الَّلوزِيَنج، أما ترى قول المعرّي

والخِلُّ يُبْدِى لي ضمائِرَهُ ... مع الصّفاءِ ويُخْفِيها معَ الكَدَرِ

وأحسن من هذا كله قولي:

خليَلّى ذِي الدنيا الدّنَّيةُ لم تزَلْ ... تُعادِي حُرّا شريفَ المناقبِ

أسافِلُها تعلُو أعالِيهاَ كما ... يَراهُ لبيبٌ عارفٌ بالعواقبِ

إذا صُوّرتْ للنّاسِ معكوسةً بدَتْ ... فلا تَعْجَبَبنْ والدّهرُ بَحْرُ العجائبِ

عَوْدٌ إلى سيرة ابن سيد النَّاس، الذي تسير الصبا بعبير لطفه ديبة الأنفاس: كنت قبل أن تعرى أفراس الصَّبا، ويتفرَّق شْملُ الأيام أيْدِي سَباَ، لمَّا أرْتحا مع والدي لذلك المُمَجَّد، لنجْتليَ وجهَ المليحةِ في الخِمارِ الأسْود، رأيتُه وقد أبْيَضَّ على لِمَّتِه، وثَقب الشيبُ مِغُفَرَ هامتِه، وقد علا هامَ السَّتين، وتَرقّى شرَف السَّبعين.

وإن امرأ قد سار سْبعين حِجَّةَ ... إلى مَنْهلٍ من وِرْدِه لَقريبُ

مُشمَّراً لِمخَاضِها واقفاً على حياضِها، بفكْرةٍ ما كانت النّيرانُ تخ لو رُزقتْ بعضَ ذكائها، وبِكْرِ هِمَّة إذا جُليِتْ لا يُعَدُّ غير المجد أكْفائِها.

<<  <   >  >>