للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإنه ليس بعد النُّبوة والرّسالة إلا مراتبُ الصَّلاح، ولهذا كانت الرَّعايا بلا سلطان كالأجْسام بلا أرْواح.

وما الشَّريعةُ إلا روضةٌ زاهيةُ الثّمار، مُتفتّحة الأنْوار، تَجرى من تحتها الأنهار، والسلطان مُتعهّد لها بالحراسة، يحميِها من كل جَان بشَوْكة السّياسة.

وإذا كان ظلَّ اللهِ في أرضهِ، وشمسَه المتّضِحَ بأنوار سَنَن سُلته وفرْضِه، فعلى مَن طلَعت عليه الشمس أن يجنَحَ لِظله، ويَقِبل في دَوْحَة إحسانِه وفضلهِ.

فإنه الشمسُ الذي تضئُ بدورُ الكواكب بأنْاره، والبحرُ الذي تستمد جداولُ الأمراء من أنهاره.

والسماءُ الذي تتَمْنطق الجوازء لخِدمته، ويخافُ الأسدُ أن يَمُدّ إليها يدَ سَطْوته. والجنَّةُ التي تحت ظِلال السيُّوف، والمُتقرَّب إليه بمحاسن الأعمال، والمُستَجار به من الصُّروف.

والَحرمُ الذي يأمَن فيه الخائف، وكعبة اللَّطائف البادِية لكلّ طائف.

والربيعُ الذي اعتدلتْ أيامُه بالعَدالة، فصدَحْت حمائمُ الثَّناء على أغصانِها المّيَّادة الميَّالة.

وتهْتزُ أعوادُ المنابرِ باسْمِهِ ... فهل ذكَرتْ أيْامَها وهْيَ أغْصانُ

وممَّا ينبغي أن يُرسمَ في صحائف الأفكار، ويُجعَل طِرازاً على كعبِة المحاسن والآثار، أنه من أهمّ ما يْهتمُّ به مَن جَعل الحِجا زِيَّه، خِدمة طِرازاً الطَّيّبة، ومكْة المُشرَّفَ بها سائرُ الأنوار المحَّمدية، ومظَهر الآثار العُلْوية العَلِيَّة.

<<  <   >  >>