للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما المباحات، فإن الشارع أباحها وأذن فيها، وقد يتوصل بها إلى: الخير فتلحق بالمأمورات، وإلى الشر فتلحق بالمنهيات.

فهذا أصل كبير أن الوسائل لها أحكام المقاصد،

قوله: (وأما المباحات فإن الشارع أباحها وأذن فيها).

المباح قد يكون مطلوب الفعل أو الترك لغيره، لكن لذاته ليس مطلوب الفعل ولا الترك.

وهذا هو النوع الثاني من نوعي المباح وهو الذي صار وسيلة لمأمور به أو منهي عنه، فيكون حكمه حكم ما كان وسيلة إليه، فإن كان المباح يتوصل به إلى الخير فهو مأمور به أمر إيجاب أو استحباب، ويثاب على ذلك بحسب نيته، وإن كان يتوصل به إلى منهي عنه فهو منهي عنه نهي تحريم أو كراهة.

مثال ما كان وسيلة لمأمور به: النوم والأكل حكمهما الإباحة، فإذا كانا وسيلة للتقوي على طاعة الله تعالى أو كسب الرزق صار مستحباً يثاب عليه المكلف.

ومثال ما كان وسيلة لمنهي عنه: بيع المباحات لمن يعمل فيها معصية، كبيع العنب إلى من يتخذه خمراً، والأكل والشرب من الطيبات فإنهما مباحان لكن الإسراف فيهما إلى حد التخمة مكروه، وقد يحرم، واللهو أيضاً مباح في غير محرم فإن أدى إلى تفويت الصلاة أو التعدي على الآخرين صار محرماً.

قوله: (فهذا أصلٌ كبير أن الوسائل لها أحكام المقاصد).

الوسائل: جمع وسيلة: وهي الطريق إلى الشيء.

<<  <   >  >>