والموضع الثاني: قوله: "مَا قَدْ أَطْلَعَكُمُ اللهُ عَلَيْه"، إذ جاء في بعض المصادر كما هنا، وفي بعضها: "ما أَطْلَعَكُمْ عليه"، وفي بعضها: "ما أُطْلِعُكُمْ عليه"، و"ما اطَّلَعْتُم عليه"، و"ما أُطْلِعْتُم عليه"، و"ما أطْلَعْتُكُم عليه". أما "بَلْه" فهي على ثلاثة أوجه: اسم فعلٍ بمعنى "دَعْ"، فينصب ما بعدها، أو مصدر بمعنى الترك، فيجر ما بعدها على الإضافة، أو اسمٌ مرادفٌ لـ"كيف"؛ فيرفع ما بعدها. وفي هائِها لغتان: الفتح بناءً، والكسر على أصل التقاء الساكنين. وعلى كونها مصدرًا، فالفتح فيها إعراب. ويقال فيها أيضًا: بَهْل وبَهَل. قال النووي: "معناها دع عنك ما أطلعتكم عليه، فالذي لم أطلعكم عليه أعظم، فكأنه أضرب عنه استقلالًا له في جنب ما لم يُطَّلَعْ عليه، وقيل معناها: "غير"، وقيل: معناها: "كيف". اهـ. ودخولُ "مِن" عليها نادرٌ، ومعناها مع دخول "مِن": سوى، أو غير، وقيل: كيف. قال السيوطي: "وتنفرد "مِن" بجر "بله"؛ كحديث البخاري". ولتفصيل الكلام حول "بله" ومعانيها، وشرح معناها في هذا الحديث، ينظر: "غريب الحديث" لأبي عبيد (١/ ٢٣٥ - ٢٣٧)، و "تهذيب اللغة" للأزهري (٦/ ١٦٦ - ١٦٧)، و"المحكم" لابن سيده (٤/ ٣٢٧)، و"شرح النووي على صحيح مسلم" (١٧/ ١٦٦)، و"مغني اللبيب" (ص ١٢٤ - ١٢٥)، و"فتح الباري" (٨/ ٥١٧ - ٥١٦)، و"عمدة القاري" (١٩/ ١١٤)، و"همع الهوامع" (٢/ ٢٨٩ - ٢٩١، ٤٦٥)، و"الكليات" للكفوي (ص ٢٥١)، و"تاج العروس" (ب ل هـ). (١) ضبطها في الأصل بضم القاف وتشديد الراء وألفٍ بعدها قبل التاء، وهي جمع "قرة". وكذلك قرأ أبو هريرة وأبو الدرداء وعبد الله بن مسعود وعون العقيلي وأبو عبد الرحمن السلمي وقتادة والشعبي، وهي رواية عن أبي عمرو وأبي جعفر - في غير العشرة - والأعمش. =