للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

[٥٤ ب] وكانت جنازته مشهودة، وسمعت أبا الرّبيع بن سالم يقول: صادف وقت وفاته قحطا أضرّ بالناس، فلمّا وضعت جنازته على شفير قبره، توسّلوا به إلى الله في إغاثتهم، فسقوا من تلك اللّيلة مطرا وابلا. وما اختلف الناس إلى قبره مدّة الأسبوع إلاّ في الوحل والطّين.

قال ابن الزّبير (١): وحجر ذي رعين في حمير. كان رحمه الله خاتمة المسندين، وآخر الجلّة العليّة من المحدّثين، من ذوي الجلالة والشأن. وهو من أعمال المريّة، فنشأ بها (٢) واختلف إلى علمائها، ثم جال في الأندلس ولقي الشّيوخ، واجتمع له علم جمّ. فمن شيوخه: ابن ورد، ومحمد بن حسين ابن إحدى عشرة، وعليّ بن اللّوان، وابن مغيث، وسمّى خلقا.

قال: وأقام بمالقة يقرئ القرآن والحديث واللّغة والعربيّة، ثم سكن سبتة، وسكن فاس مدة، وردّ إلى سبتة، ورحل إليه الناس من كلّ مكان. ثم طلبه السّلطان قبيل موته إلى مرّاكش فأسمع بها. وولي قضاء سبتة فحكم يوما واحدا وترك. وولي الخطابة ثم عجز عنها واستعفى. وكان ممّن جمع الله له بين العلم والعمل، واتّساع الرّواية وعلوّ الذّكر، إلى أن قال: وكان من الكتّاب البلغاء، وهو الذي أنشأ لأهل سبتة بيعة المنصور. قال شيخنا (٣) أبو الحسن الغافقيّ: ما دخل على قوس باب سبتة أزهد منه، وإن قلت: لم يجز من الأندلس إلى العدوة لم تبعد. وقال أبو الرّبيع بن سالم (٤): إذا ذكر الصّالحون الذين أدركناهم فحيّ هلابه.


(١) صلة الصلة ٣/الترجمة ٢٠٧، ومعلوم أن هذا كله إلى نهاية الترجمة من زيادات الذهبي، وهو في حاشية النسخة.
(٢) هكذا بخط الذهبي، وهو اختصار مخل، وفي صلة ابن الزبير: «أصله من قنجاير من نظر المرية من أعيان موضعه وذوي السيادة، ونشأ بالمرية».
(٣) الكلام لابن الزبير.
(٤) كذلك.

<<  <   >  >>