للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

استظهر على أبيه أبي القاسم «الموطّأ» حفظا، وأخذ يسيرا عن أبي مروان بن مسرّة، وابن بشكوال، وجماعة. وأخذ علم الطّبّ عن أبي مروان بن حزبول (١). ودرس الفقه والأصول وعلم الكلام.

ولم ينشأ بالأندلس مثله كمالا وعلما وفضلا. وكان متواضعا منخفض الجناح. وعني بالعلم، حتى حكي عنه أنه لم يدع النّظر ولا القراءة منذ عقل إلاّ ليلة وفاة أبيه وليلة عرسه، وأنه سوّد فيما صنّف وقيّد واختصر نحوا من عشرة آلاف ورقة. ومال إلى علوم الأوائل، وكانت له فيها الإمامة دون أهل عصره.

وكان يفزع إلى فتياه في الطّبّ كما يفزع إلى فتياه في الفقه، مع الحظّ الوافر من العربيّة، قيل: كان يحفظ شعري حبيب والمتنبّي.

وله كتاب «بداية المجتهد ونهاية المقتصد» في الفقه، علّل فيه ووجّه، ولا يعلم في وقته أنفع منه ولا أحسن مساقا، وكتاب «الكلّيات» في الطّب، و «مختصر المستصفى» في الأصول، وكتاب في العربيّة (٢).

وولي قضاء قرطبة بعد أبي محمد بن مغيث فحمدت سيرته وعظم قدره.

سمع منه أبو محمد بن حوط الله، وسهل بن مالك، وجماعة.

وامتحن بأخرة، فاعتقله السّلطان وأهانه، ثم أعاده إلى الكرامة، واستدعاه إلى مرّاكش فتوفّي بها في صفر سنة خمس وتسعين قبل وفاة المنصور


= وابن أبي أصيبعة في عيون الأنباء ٢/ ٧٥، وابن سعيد في المغرب ١/ ١٠٤، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢/ ١٠٣٩، وسير أعلام النبلاء ٢١/ ٣٠٧، والعبر ٤/ ٢٨٧، والصفدي في الوافي ٢/ ١١٤، وابن فرحون في الديباج ٢/ ٢٥٧، والنباهي في المرقبة العليا ١١١، وابن تغري بردي في النجوم ٦/ ١٥٤، وابن العماد في الشذرات ٤/ ٣٢٠ وغيرهم.
(١) هكذا مجودة بخط الذهبي، وفي المطبوع من التكملة: «جريول».
(٢) ذكر له الذهبي في السير وغيره مجموعة ضخمة من مؤلفاته.

<<  <   >  >>