المذكورة، أو هذه البينات أو غيرها فكل ما يبين الحق فهو بيّنة.
وقالوا:: إن ما ذكر في الآية: {فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ}(١) هذا ليس في القضاء بالحق إنما هو في إثبات الحق، وفرق بين القضاء في الحقوق وتمييز الحقوق وبيان أصحابها وبين إثبات الحقوق لأهلها.
من أراد أن يعقد عقداً من بيع أو إجارة، أو أراد أن يسلف إنسانًا أو ما أشبه ذلك، فعليه أن يتوثق ويثبته بأعلى البينات برجلين أو رجل وامرأتين، ولكن في القضاء والحقوق، وفي الفصل في الحقوق والفصل في الخصومات قد تكون البينة أعم من هذه الأشياء، والله سبحانه وتعالى ذكرها في معرض إثبات الحقوق لا في معرض الفصل في الخصومات؛ لهذا ذهب جماعة من أهل العلم إلى أن البينة التي تُبيِّن الحقَّ تكون بأشياء كثيرة غير هذه الأشياء؛ ولهذا قالوا إنه في أشياء كثيرة قررت الشريعة القرائن، فإذا وجدت قرائن؛ يحلف معها صاحبها.
مثال ما في القسامة وهي إذا ما ادعى قوم أن رجلاً قتل رجلًا منهم وكان هنالك شيء من العداوة بينهم، أو وُجد القتيل في هذا الحي، ورُؤي رجلٌ هارباً وهو متلطخ بالدماء ومعه آلة قتل، وإن لم يُرَ أنه قتل فإن هذه قرينة تقوّي جانب المدعي، لأجل هذا يحلفون خمسين يمينًا مع هذه القرينة، وإن لم تكن شهادة بالعين أنهم رأوه حال قتله إنما هي قرينة تبيّن أن هذا قتل أو كان وجد القتيل في مكان