للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والصلح من الأبواب العظيمة في الشريعة التى جاء الشرع بالحث عليها، حتى جاءت الأدلة في جواز الإصلاح بين المتخاصمين من رجلين أو قبيلتين ولو بالكذب لأنه يرتب عليه مصالح عظيمة، أعظم وأكبر من هذه المفسدة التى هي الكذب، وهذا من باب المصالح والمفاسد التي تُقدَّم فيها المصالح العظيمة على المفاسد اليسيرة.

فالأصل صحة الصلح لعموم الأدلة في هذا، إلا ما دلّ الدليل على استثنائه، أي على أن هذا الصلح لا يصح، ولهذا يصح الصلح مع الإقرار ومع الإنكار، فالصلح مع الإقرار جائز عند الجميع وذلك أن يدعى عليه مالاً أو عيناً فيُقر بها المدَّعى عليه لكن يصالحه على شيء لكونها ليست عنده، فلو كان عليه ألف ريال مثلاً فصالحه على خمسمائة ريال ويبرئه من الباقي لصحّ، ثم على الصحيح أنه سواء جرى بلفظ الصلح أو بغيره أي بلفظ الإبراء أو الهبة، أما إذا كان إسقاطه بالشرط فلا يجوز مثلاً أن يقول لا أسَلِّم لك إلا بشرط أن تسقط عنى خمسمائة ريال فهذا الصلح لا يصح؛ لأنه أكل للمال بالباطل؛ ولأنه إجبار لصاحب الحق على ترك حقه بدون رضاه، فله أن يأخذ ما أعطي من حقه، والصلح لا يلزمه في حكم الشرع، أي أنه لو أراد أن يطالبه بالباقي مرة أخرى فله ذلك.


= سعيد القطان، ووثقه ابن معين، وقال ابن عدي: ليس به بأس، وقال عنه الحافظ ابن حجر في التقريب: "صدوق يهم".
ولعلّ حديثه لا ينزل عن مرتبة الحسن. والله أعلم.

<<  <   >  >>