للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أو حدثهم فقال: "لقد هممت أن لا أقبل إلا هدية قرشي أو أنصاري" (١) فذكر أربعة أصناف؛ لأنهم هم الذين يقنعون ولا يغضبون، وهذا يبيّن أن الهدية للثواب لا بأس بها، ولهذا كان من سنته - عليه الصلاة والسلام - أنه يقبل الهدية ويثيب عليها.

وكذلك في مسألة القرائن التي ذهب بعض أهل العلم إليها، مثاله: إذا اختلف اثنان في متاع أو شيء من الأملاك فإذا اختلف خياط ونجار وهم في محل واحد أو بيت واحد ففي الغالب أن الإبرة والمقص وما أشبه ذلك تكون للخياط، وآلات الضرب والمطرقة والمسامير والمنشار وما أشبه ذلك تكون للنجار، هذا هو الأقرب.


(١) أخرجه أبو داود في سننه في كتاب البيوع (٣٠٧٠)، وأخرجه الإمام أحمد في مسنده (١/ ٢٩٥)، والترمذي في سننه في المناقب برقم (٣٨٨١) من طريق محمد بن إسحاق عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أهدى رجل من بنى فزارة إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - ناقةً من إبله التي كانوا أصابوا بالغابة، فعوَّضه منها بعض العِوَض فتسخطه، فسمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على هذا المنبر يقول: "إن رجالًا من العرب يُهدي أحدهم الهدية فأعوِّضه منها بقدر ما عندي ثمَّ يتسخطه فيظل يسخط عليَّ، وأيم الله لا أقبل بعد مقامي هذا من رجل من العرب هدية إلا من قرشي أو أنصاري أو ثقفي أو دوسي".
فالحديث إسناده صحيح إلا أنَّ فيه محمد بن إسحاق وقد عنعن، لكن له متابع عند البيهقي في السنن الكبرى (٦/ ١٨٠) وسنده جيد، وله شاهد أيضاً عند الإمام أحمد في مسنده (١/ ٢٩٥)، وابن حبان في صحيحه (١١٤٦) كلاهما من طريق يونس بن محمد قال: حدثنا حماد بن زيد عن عمرو بن دينار عن ابن عباس رضى الله عنهما: "أن أعرابياً وهب للنبي - صلى الله عليه وسلم - هبة فأثابه عليها. قال: رضيت؟. قال: لا. قال: قزاده. قال: رضيت؟. قال: لا. قال: رضيت؟. قال: نعم. ثم قال - عليه السلام -: "لقد هممت إلاَّ أتهب هبة إلا من قرشى أو أنصارى أو ثقفى". وهذا إسناد صحيح.

<<  <   >  >>