وإن لم تظهر سلمنا بالأمر، وهذا سبق أن أشرنا إليه، وذلك أن العلة قد تكون ظاهرة وقد تكون أمراً لا تظهر مناسبته فلأجل هذا نسلّم للحُكْم، وإن لم تظهر لنا الحكمة، فالعلة قد تتفق هى والحكمة، وقد تكون الحكمة شيئاً آخر غير العلة، ولأجل هذا اختلف العلماء هل يعلّل بالحكمة أو لا يعلل؟. منهم من قال إنه لا يعلل بالحكمة، ومنه من قال إنه يعلل بها، ومنهم من قال إنها إذا كانت منضبطة غير خفية وغير منتشرة علل بها، وهذا هو الأصح من أقوال الأصوليين، ولهذا تجد الفقيه قد يختار بعض الأقوال في المسائل بناءً على ظهور العلة ووضوحها.
ومما يذكره أهل العلم - أيضاً - في هذا الباب: هل العلة تكون قطعية أم ظنية؟.
أكثر العلماء على أن دلالة العلة على الحكم ظنية، لكن كلما كان الحكم مناسباً للعلة كما كانت أكثر رجحاناً حتى ينتهي إلى القطع، فإذا كانت العلة مناسبة نقطع بأن العلة مقطوع بها، فمثلاً تحريم الخمر كل ما خامر العقل فهو مسكر.
فتعليق التحريم بما خامر العقل وغطّاه فهو مناسبة ظاهرة في تحريم كل مسكر.