للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الجنب إذا أراد النوم أن يتوضأ (١)، وإذا أراد أن يُعاودَ الجماع أو أن يأكل، أو أن يشرب، يشرع له أن يتوضأ تخفيفًا للجنابة؛ لأن هذا الجزء المفعول والمعمول هو عبادة، ويخفف الجنابة، ولهذا ثبت عن كثير من الصحابة أنهم أجازوا للجنب إذا توضأ أن يمكث في المسجد، ولم يجعلوه كالجنب من كل وجه، بل جعلوه كأنه مرتبة بين المرتبتين، فليس كالجنب الذي لم يغسل شيئًا، وليس كالمتطهر تمامًا، وهذا واضح من جهة الأدلة التي جاءت بالأمر للجنب أن يتوضأ، ولهذا لا تشترط الموالاة في الجنابة، فإذا غسل بعض بدنه زال منه حكم الجنابة فيما غسل، فهل الوضوء كالغسل في هذه المسألة؟. موضع خلاف.

ذهب بعض أهل العلم إلى هذا العموم في قوله تعالى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً} (٢)؛ لأنها نكرة في سياق النفى، والنكرة في سياق النفي عامة، وهذا واجد للماء، وقال بعض أهل العلم: لا يشرع أن يتوضأ بل هو في حكم عادم الماء، وقالوا: إنه فرق بينما جزءه عبادة، وبين الذين ليس جزءه عبادة، فالذي جزءه عبادة فإنه


(١) أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب الغسل، باب: الجنب يتوضأ ثمّ ينام (١/ ٢٨٧)، ومسلم في صحيحه في كتاب الحيض (٣/ ٢١٦) كلاهما من حديث عبد الله بن عمر أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: يا رسول الله، أيرقد أحدُنا وهو جُنُب؟. قال: "نعم، إذا توضأ أحدكم فليرقد وهو جُنُب".
وله شاهد في صحيح مسلم من حديث أبى سعيد الخدري رضي الله عنه ولفظه مرفوعًا: "إذا أتى أحدكم أهله ثُمَّ أراد أن يعود فليتوضأ بينهما وضوءًا" (٣/ ٢١٧).
وجاء له شاهد أيضًا من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا كان جنبًا فأراد أن يأكل أو ينام توضأ وُضوءهُ للصلاة". وهو أيضًا في صحيح مسلم (٣/ ٢١٦) وهذا من فعله عليه الصلاة والسلام.
(٢) سورة المائدة، الآية: ٦.

<<  <   >  >>