للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يستعمل الماء، والذي ليس جزءه عبادة فإنه لا يستعمل الماء، وقالوا: تخفيف الجنابة بالوضوء أو بغسل بعض الأعضاء عبادة، ولهذا أمر - عليه الصلاة والسلام - الجنب أن يتوضأ فكان عبادة، أما غسل بعض أعضاء الوضوء فليس جزء عبادة، ولم يأتِ في الشرع أنه جزء عبادة، لكن ورد في حديث علي رضي الله عنه أنه توضّأ وضوءًا خفيفًا لم يغسل جميع الأعضاء، ثم قال: هذا وضوء من لم يحدث (١)، فهو في بعض الأعضاء لكنه لمن لم يحدث فما ليس جزءه جزء عبادة لا يصح الإتيان به.

مثاله: لو أن إنسانًا في رمضان عليه كفارة في الصيام فيقول أنا أستطيع أن أصوم نصف اليوم بدون أي مشقة ولا يحصل لي أي شيء فهل يلزمه الصوم؟.


(١) هذا الأثر أخرجه ابن جرير رحمه الله في تفسيره "جامع البيان" عن اثنين من الصحابة هما: عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهم، وذلك عند تفسيره لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ. .} (٦/ ١١٣).
أما أثر عمر رضي الله عنه فقد أخرجه من طريق حميد عن أنس قال: "توضأ عمر بن الخطاب وضوءًا فيه تجَوُّز خفيفًا فقال: "هذا وضوء من لم يحدث". وسنده صحيح.
وأما أثر علي رضي الله عنه فأخرجه عنه من طريقين:
١) من طريق شعبة عن عبد الملك بن ميسرة عن النزال بن سبرة قال: "رأيت عليًّا صلّى الظهر ثم قعد للناس في الرحبة، ثم أتى بماء فغسل وجهه ويديه ثم مسح برأسه ورجليه وقال: "هذا وضوء من لم يحدث".
٢) من طريق هشيم عن مغيرة عن إبراهيم: "أن عليًا اكتال من حُب فتوضأ وضوءًا فيه تجوُّز فقال: "هذا وضوء من لم يحدث".
والإسناد في كلا الطريقين صحيح.

<<  <   >  >>