للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلا أنهم أوجبوا الجزاء في المتولد بين المأكول وغيره؛ واختلفت الرواية في الثعلب والسنور الوحشي والأهلي والهدهد والصرد. وأجمعوا على أن من أتلف صيداً وهو محرم، فعليه جزاؤه، إلا الحسن ومجاهد قالا: يجب في الخطإ والنسيان، ولا يجب في العمد؛ وهو خلاف النص. ويضمن ما دل عليه، أو أشار إليه، أو أعان على ذبحه، أو كان له أثر في ذبحه، مثل أن يعيره سكيناً إلا أن يكون القاتل محرماً فالجزاء بينهما. وقال مالك: لا شيء على الدالّ. ولنا: حديث أبي قتادة.

وإن وجد من المحرم حديث عند رؤية الصيد، من ضحك أو استشراف ففطن له غيره، فلا شيء على المحرم، لحديث أبي قتادة. ولا خلاف في تحريم الصيد إذا صاده أو ذبحه. وإن صاده حلال وذبحه وكان من المحرم إعانة، لم يبح أيضاً. وإن صيد من أجله حرم عليه أكله، وبه قال مالك والشافعي؛ وأباحه أبو حنيفة، لحديث أبي قتادة. ولنا: قصة الصعب بن جثامة، وعن جابر رفعه: "صيد البر لكم حلال، ما لم تصيدوه أو يصاد لكم". ١ قال الترمذي: هو أحسن حديث في الباب. وحكي: "عن علي وغيره التحريم على المحرم بكل حال"، لعموم قوله {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُماً} الآية، ٢ ولحديث الصعب. ولنا: حديث أبي قتادة وجابر، فإنهما صريحان في الحكم، وفي ذلك جمع بين الأحاديث.

وهل يباح أكل ما صيد لمحرم على محرم آخر؟ "ظاهر حديث جابر إباحته"، وبه قال عثمان، وقيل: "يحرم"، وبه قال عليّ، لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي قتادة: "هل منكم أحد أمره أن يحمل عليه، أو أشار إليه؟ "، ٣ والأول أولى. وإن ذبح المحرم صيداً صار ميتة، وقال الثوري: لا بأس بأكله، وقال ابن المنذر: هو بمنزلة ذبيحة السارق. وإذا أتلف بيض


١ الترمذي: الحج (٨٤٦) , والنسائي: مناسك الحج (٢٨٢٧) , وأبو داود: المناسك (١٨٥١) , وأحمد (٣/٣٦٢) .
٢ سورة المائدة آية: ٩٦.
٣ مسلم: الحج (١١٩٦) .

<<  <   >  >>