للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يكسبان من المباح، كالحشيش؛ فهذا جائز، نص عليه فقال: لا بأس أن يشترك القوم بأبدانهم وليس معهم مال؛ قد "أشرك النبي صلى الله عليه وسلم بين سعد وابن مسعود وعمار، فجاء سعد بأسيرين، ولم يجيئا بشيء". ١ وقال أبو حنيفة: تصح في الصناعة لا في اكتساب المباح. وقال الشافعي: شركة الأبدان كلها فاسدة. ولنا: ما تقدم. فإن قيل: المغانم بين الغانمين، فكيف اختص هؤلاء بالشركة؟ وقال بعض الشافعية: "مغانم بدر لرسول الله دفعها إلى من شاء"، قلنا: غنائم بدر لمن أخذها قبل أن يشرك الله بينهم، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: "من أخذ شيئاً فهو له"، ٢ والله سبحانه إنما جعلها لنبيه بعد أن غنموا واختلفوا فيها. ويصح مع اختلاف الصنائع، في أحد الوجهين. والربح في شركة الأبدان على ما اتفقوا عليه، فإن مرض أحدهما فالكسب بينهما، فإن طالبه الصحيح أن يقيم مقامه لزمه. وإن دفع دابته إلى من يعمل عليها وما رزق الله فهو بينهما على ما شرطا صح، وكرهه الحسن، وقال الشافعي وابن المنذر: لا يصح، والربح كله لرب الدابة، وللعامل أجرة مثله. وقال أحمد فيمن يعطي فرسه على النصف من الغنيمة: أرجو أن لا يكون به بأس، وبه قال الأوزاعي. وقال أحمد: لا بأس بالثوب يدفع بالثلث والربع، قيل: يعطيه بالثلث والربع ودرهم أو درهمين؟ قال: أكرهه، لأنه لا يعرف الثلث. وإذا لم يكن معه شيء نراه جائزاً، لإعطائه خيبر على الشطر.

الخامس: شركة المفاوضة، وهي أن يدخلا في الشركة الأكساب النادرة كوجدان لقطة أو ركاز، أو ما يحصل لهما من ميراث، أو ما يلزم أحدهما


١ النسائي: الأيمان والنذور (٣٩٣٧) , وأبو داود: البيوع (٣٣٨٨) , وابن ماجة: التجارات (٢٢٨٨) .
٢ أحمد (١/١٧٨) .

<<  <   >  >>