لم يكن أمامهم غيرهم, فكانت الضرورة داعية لهم إلى تنزيلها عليهم, كما فعلوا في آيات أخرى واردة في هذا الزمان فحملوها على ما كان موجودا في زمانهم؟ كما قدمناه في قوله تعالى (وخلقنا لهم من مثله ما يركبون). وكما فعلوا في قوله تعالى (حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت) الآية وغيرها.
قال: والمقصود أن هذه الآية لم تنزل في المنافقين الذين كانوا في عصر النبي - صلى الله عليه وسلم - , وإنما هي نازلة في هؤلاء المنافقين المارقين الملاحدة المتفرنجين والذين ولدهم الاستعمار الكافر وانتجتهم مدارسه الإفرنجية للقضاء على الإسلام.
والدليل على ذلك أمور:
ثم ذكر ما روي عن سلمان رضي الله عنه في قوله تعالى (وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون) قال سلمان: لم يجيء أهل هذه الآية بعد قال: وقد قال ابن جرير يحتمل أن سلمان رضي الله عنه أراد بهذا أن الذين يأتون بهذه الصفة أعظم فساداً من الذين كانوا في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم -: لا أنه عنى أنه لم يمض ممن تلك صفته أحد. قال المصنف وليس كذلك, بل مراد سلمان أن أهل هذه الآية سيكونون في آخر الزمان, وليس المراد بها أحدا ممن كان في عصر النبي - صلى الله عليه وسلم - , لأنها لا يمكن أن تنطبق عليهم إلا بتأويل وتكلف بخلاف أهلها النازلة فيهم من ملاحدة هذا العصر وشبابه الفاسد فإنها منطبقة عليهم حرفاً حرفاً, قال: ولم يبق أدنى شك في أنهم المراد من الآيات المذكورة.