قال في هذه الآية (وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون) قال: ما جاء هؤلاء بعد.
قال ابن جرير: وأولى التأويلين بالآية تأويل من قال إنها نزلت في المنافقين الذين كانوا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - , وإن كان معنياً بها كل من كان بمثل صفتهم من المنافقين بعدهم إلى يوم القيامة.
وقد يحتمل قول سلمان عند تلاوة هذه الآية ما جاء هؤلاء بعد أن يكون قاله بعد فناء الذين كانوا بهذه الصفة على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خبراً منه عمن هو جاء منهم بعدهم ولما يجيء بعد لا أنه عنى أنه لم يمض ممن هذه صفته أحد.
وإنما قلنا أولى التأويلين بالآية ما ذكرنا, لإجماع الحجة من أهل التأويل على أن ذلك صفة من كان بين ظهراني أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من المنافقين, وأن هذه الآيات فيهم نزلت.
والتأويل المجمع عليه أولى بتأويل القرآن من قول لا دلالة على صحته من أصل ولا نظير (١).
والإفساد في الأرض: العمل فيها بما نهى الله جل ثناؤه عنه, وتضييع ما أمر الله بحفظه, فذلك جملة الإفساد.
- إلى أن قال - فكذلك صفة أهل النفاق, مفسدون في الأرض بمعصيتهم فيها ربهم, وركوبهم فيها ما نهاهم عن ركوبه, وتضييعهم فرائضه, وشكهم في دين الله الذي لا يقبل من أحد عملا إلا بالتصديق به والإيقان بحقيقته, وكذبهم المؤمنين بدعواهم