غير ما هم عليه مقيمون من الشك والريب, وبمظاهرتهم أهل التكذيب بالله وكتبه ورسله على أولياء الله إذا وجدوا إلى ذلك سبيلا. فذلك إفساد المنافقين في أرض الله وهم يحسبون أنهم بفعلهم ذلك مصلحون فيها».
قال ابن كثير: وهذا الذي قاله حسن, فإن من الفساد في الأرض: اتخاذ المؤمنين الكافرين أولياء كما قال تعالى (والذين كفروا بعضهم أولياء بعض إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير).
قلت: ومن إفساد المنافقين الذين كانوا في عصر النبي - صلى الله عليه وسلم - بناؤهم لمسجد الضرار الذي قال الله تعالى فيه (والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين وإرصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل وليحلفن إن أردنا إلا الحسنى والله يشهد إنهم لكاذبون).
فالمنافقون بنوا مسجدهم ضرارا لمسجد قباء, وكفرا بالله ورسوله, وتفريقا بين المؤمنين, وارصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل. وهو أبو عامر الفاسق الذي كان يقال له الراهب, وكان قد كتب إلى المنافقين يعدهم ويمنيهم أنه سيقدم من عند ملك الروم بجيش يقاتل به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويغلبه ويرده عما هو فيه, وأمرهم أن يتخذوا له معقلا يقدم عليهم فيه من يقدم من عنده الأداء كتبه, ويكون مرصدا له إذا قدم عليهم بعد ذلك. وهذا من أعظم الإفساد في الأرض, قال الله تعالى (وليحلفن إن أردنا إلا الحسنى والله يشهد إنهم لكاذبون).