- صلى الله عليه وسلم - وترك البدع والمعاصي وإقامة شعائر الإسلام المتروكة, وتعظيم حرماته المنتهكة المنهوكة.
فنهدت لمناهضته واضطهاده القوى الثلاث قوة الدولة الحكام, وقوة أنصارها من علماء النفاق, وقوة العوام الطغام.
وتصدى للطعن في الشيخ محمد بن عبد الوهاب والرد عليه أفراد من أهل الأمصار المختلفة, منهم رجل من أحد بيوت العلم في بغداد, قد عهدناه يفتخر بأنه من دعاة التعطيل والإلحاد.
وكان أشهر هؤلاء الطاعنين مفتي مكة المكرمة الشيخ أحمد زيني دحلان المتوفي سنة ١٣٠٤. ألف رسالة في ذلك تدور جميع مسائلها على قطبين اثنين: قطب الكذب والافتراء على الشيخ, وقطب الجهل بتخطئته فيما هو مصيب فيه.
وكنا نسمع في صغرنا أخبار الوهابية المستمدة من رسالة دحلان هذا ورسائل أمثاله فنصدقها بالتبع لمشايخنا وآبائنا ونصدق أن الدولة العثمانية هي حامية الدين ولأجله حاربتهم وخضدت شوكتهم.
وأنا لم أعلم بحقيقة هذه الطائفة إلا بعد الهجرة إلى مصر والاطلاع على تاريخ الجبرتي وتاريخ «الاستقصا في أخبار المغرب الأقصى» فعلمت منهما أنهم هم الذين كانوا على هداية الإسلام دون مقاتليهم, وأكده الاجتماع بالمطلعين على التاريخ من أهلها ولا سيما تواريخ الإفرنج الذين بحثوا عن حقيقة الأمر فعلموها وصرحوا أن هؤلاء الناس أرادوا تجديد الإسلام وإعادته إلى ما كان عليه في الصدر الأول, وإذاً لتجدد مجده وعادت إليه قوته وحضارته. وإن الدولة العثمانية ما حاربتهم إلا خوفا من تجديد ملك العرب وإعادة الخلافة الإسلامية سيرتها الأولى.
على أن العلامة الشيخ عبد الباسط الفاخوري مفتي بيروت كان ألف كتابا في تاريخ الإسلام ذكر فيه الدعوة التي دعا إليها الشيخ محمد بن عبد الوهاب, وقال إنها عين ما دعا إليه النبيون والمرسلون, ولكنه قال إن الوهابيين في عهده متشددون. وقد عجبنا له كيف تجرأ على مدحهم في عهد السلطان عبد الحميد؟
ورأيت شيخنا محمد عبده في مصر على رأيه في هداية سلفهم وتشدد خلفهم وأنه لولا ذلك لكان إصلاحهم عظيما ورجي أن يكون عاما, وقد ربى الملك عبد العزيز غلاتهم المتشددين منذ سنتين تربية يرجى أن تكون تمهيداً لإصلاح عظيم.
وأن علماء السنة في الهند واليمن قد بلغهم كل ما قيل في هذا الرجل فبحثوا وتثبتوا كما أمر الله تعالى فظهر لهم أن الطاعنين فيه مفترون لا أمانة لهم, وأثنى عليه فحولهم في عصره وبعد عصره وعدوه من الأئمة المصلحين المجددين للإسلام ومن فقهاء الحديث كما نراه في كتبهم, ولا تتسع هذه المقدمة لنقل شيء من ذلك انتهى.
والتشدد الذي أشار إليه إنما وقع في بعض الأعراب في زمن يسير. فأما الحاضرة وكثير من البادية فكانوا على الطريقة السلفية ولم يكن فيهم تشدد كما يزعمه بعض الناس, فإطلاق