للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واقتفى الوهابيون آثار خلافة الراشدين، وعلى ما كان في يد ابن السعود من القوى الحربية العظيمة فإن ذلك ما كان ليصرفه عن أن يكون على الدوام نازلا على رأي الجماعة وشوراها, فلم يمتهن حرية اتباعه وبني قومه.

وكانت حكومته على عنفها مكينة عادلة فانقطع التعدي, وأمن الناس السرقات, وانتشر الأمن وسادت الطمأنينة والراحة وعكف على العلم والتهذيب, فكان في كل واحة مدرسة, وفي كل قبيلة بدوية عدد من المعلمين.

وبعد أن أخضع ابن السعود نجداً وتم له الأمر في كاملها أخذ يستعد ليقوم بعمل أكبر, ألا وهو إخضاع جميع العالم الإسلامي ونشر الإصلاح فيه فجعل نصب عينيه في المقام الأول تحرير الأماكن المقدسة الحجازية, فكر على الحجاز في صدر القرن التاسع عشر - أي الميلادي - بمقاتلته الشجعان المشتعلين غيرة دينية, وكان له ما أراد من الاستيلاء على الأماكن المقدسة, فلم تستطع قوة الوقوف في وجه الوهابيين وهم يحملون على الترك, والترك في نظرهم أهل الارتداد والجحود, ومغتصبو الخلافة اغتصابا وحقها أن تكون أبداً في العرب.

وبينما كان ابن السعود سنة ألف وثمانمائة وأربعة عشر - أي ميلادية - يعد العدة لفتح سوريا وهمته متينة, كان يخيل إلى العالم منه أن الوهابين متدفقون على الشرق تدفقا وصانعون ما شاء الله من الإصلاح في الإسلام, غير أن ذلك ما قدر ليكون.

<<  <   >  >>