تعالى خلقه بيديه, ونفخ فيه من روحه, وأمر الملائكة بالسجود له. وهذه فضائل عظيمة خص الله بها آدم دون سائر المخلوقات.
وفي هذه المقالة الخبيثة أيضاً أعظم عقوق لآدم أبي البشر حيث جعلوه ناشئاً من القردة التي هي من أخبث الحيوانات وأشوهها خلقاً.
ولا تستغرب هذه المقالة الخبيثة وأمثالها من مقالات الكفر من ملاحدة الإفرنج وأشباههم من أعداء الله تعالى, وإنما المستغرب تلقيها بالقبول من كثير من المنتسبين إلى الإسلام, ومنهم من ينتسب إلى العلم, وقد رأيت معناها منشوراً في بعض صحف المسلمين الرائجة عندهم, وما رأيت أحداً أنكر ذلك عليهم, فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
وإنما يقول بهذه المقالة الخبيثة من ينكر وجود الصانع, ويرى أن المخلوقات إنما تكونت من قبل الطبيعة لا بفعل الرب الفاعل المختار الذي أوجد جميع المخلوقات من العدم وصورها على غير مثال سبق, قال الله تعالى (وخلق كل شيء فقدره تقديراً) وقال تعالى مخبراً عن موسى عليه الصلاة والسلام (قال ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى) وقال تعالى (لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم) وقال تعالى (أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون). وفي هذه الآيات رد على ملاحدة الإفرنج ومن يقلدهم من طغام المسلمين فيما يزعمونه من النشوء والتطور والارتقاء, والآيات في الرد عليهم كثيرة وفيما ذكرته ههنا كفاية.