لعل هذا الخطأ نشأ من عدم فهمه لعنوان الرسالة العاشرة الذي ألفاظه، حسب ما يلي:"وكتب إلى أبي طاهر المشرف بن أبي سبيكة وهو ببغداد يذكر له أمر شرح السيرافي وما جرى فيه من التعب" ويمكن أن يكون مصدر هذا الخطأ جامع الرسائل، ولكن مرجليوث أحق بأن ينسب إليه هذا الخطأ لأنه اعتبر عن خطأ مرجع ضمير "له" أبا العلاء بصرف النظر عن الدلائل الظاهرة.
وما أحسن قول النحاة: إن الضمائر من المبهمات، وإني أرى أن تعد من النكرات بدلًا من المعارف لكيلا يقع في مثل هذا الخطأ من هو قليل البضاعة في العلم، وقد وقع مرجليوث في هذا الخطأ، لأن أبا العلاء قد تحققت رحلته إلى بغداد، ومما يبعث على الاستعجاب أن مرجليوث لم يدرك أن هذه الرسائل الأربع التي تتعلق بشرح ١٠، ١١، ١٢، ١٣ من الرسائل إنما هي منخرطة في سلك واحد، كما أن عنوان الرسالة يشير إلى أن أبا طاهر هو الذي رجع من بغداد، وأما مرجليوث فهو يزعم أن أبا طاهر كان حينئذٍ في حلب، وكتب من هناك إلى أبي العلاء -ببغداد يأمره بنقل الشرح، معنى ذلك أنه لم يعتن بالمواد إطلاقًا، فإن أبا العلاء يكتب في رسالته العاشرة "وفهمت ما ذكره من أمر النسخة المحصلة وهو أدام الله عزه الكريم المتكرم وأنا المثقل المبرم، جرى بي التفضل على الرسم وألححت إلحاح الوسم، فأما الشرح، إن سمح القدر وإلا فهو هدر". وفي الرسالة نفسها ورد ذكر أبي عمرو استرآبادي الذي كتبت إليه الرسالة الحادية عشرة تحقيقا لهذا الغرض، ولو كان أبو العلاء بنفسه موجودًا في بغداد لما كتب الرسالة إلى أبي عمرو، ويستطرد في رسالته العاشرة يقول:"وإنا نهدي إلى الشيخ سيدي وإلى جميع أصدقائه سلامًا تتأرج الكتب بحمله وتروض المجدبة من سبله". هنا أسأل مرجليوث هذه "السبل المجدبة" تختص بالمقيم أو بالمسافر؟ ويكتب في رسالته الثانية عشرة التي عنوانها يشير إلى عودة أبي طالب من بغداد بوضوح:"وبقي للعارفة من أن تكمل تعريفي من غير نقيمة، ما وزن في القيمة لأبادر بإنفاذه، فلو حضرت لم أبلغ ما بلغه، ولا سوغت من قضاء المأربة ما سوغه".