للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رغم أن هذه الرسائل كلها تشير إلى عودة أبي طاهر من بغداد كيف يدعي مرجليوث أن أبا العلاء هو الذي كان في بغداد، وقد ركب أبو العلاء على باخرة خاصة وهو عائد من بغداد مما يدل على أنهم كانوا يضعون دائمًا باخرة خاصة تتفرد بشؤنهم التجارية بنهر الفرات، وظن مرجليوث عن خطأ أن هذه الباخرة أعدت لأبي العلاء خاصة مما لا يستند إلى أيّ دليل كما لا يقبل المنطق والبداهة أيضًا أن يأمر أحد بإعداد باخرة لسفره الذي لا يرجو العودة منه، وهو واقع يعترف به مرجليوث نفسه.

ينشد أبو العلاء وهو يذكر الطبيعة السياحية لخاله:

كأن بني سبيكة فوق طير ... يجوبون الغواشر والنجادا

أبِالإسْكندر الملك اقتديتم ... فما تضعون في بلد وسادا

ومما يهم ذكره أن البائس الفقير أبا طاهر لم يكن شغله إلا التجارة، فأين هو من شرح السيرافي الذي هو أصل مهم من أصول النحو، لا شك أن أبا العلاء كانت له حاجة ماسة إليه بما أنه صدر جديدًا ولم تتوفر نسخهُ في الشام، فكان يتحتم عليه أن يطلب منه الشرح قبل عودته من بغداد، أما بعد عودته فقد توفر له بعدد وفير، كما ذكره بنفسه (١)، ومما يؤكد ذلك أيضًا أنه لم يعد يعشق كتب النحو بعد عودته من بغداد كما كان يعشقها قبل كما ذكر في اللزوم، وأما كيف يمكن أن يكلفهم بالحصول على الشرح من غير لقاء مسبق فمعلوم أن أبا العلاء كان يتمتع بعلاقات ودية مع أهل بغداد قبل المغادرة إليها (٢)، وله مراسلات عديدة إليهم، وقد اعترف مرجليوث نفسه أنه كان لأبي طاهر أصدقاء في بغداد وكان يكتب إليهم لحسن السلوك مع أبي العلاء، وإكرامه، ويؤكد ذلك أن أبا طاهر كان يتردد إلى بغداد.

٦ - يدعي: أن أبا العلاء لما ركب السفينة في نهر الفرات في طريقه إلى بغداد وصلت السفينة سالمة إلى "أنبار" حيث ينبثق نهر آخر ينصب في نهر دخلة وينتهي إلى بغداد، لكن حالة الجو منعت مواصلة السفر بهذا الطريق فوصلت بطريق آخر، إلى القادسية.


(١) الرسائل ص ٣٨، "إذ كانت عند طلاب العلم بمدينة السلام كشجر العرى لا يسقط ورقه".
(٢) راجع رسالته إلى القاضي أبي الطيب.

<<  <  ج: ص:  >  >>