قد لا يوجد في بحث مرغليوث خطأ أكبر من هذا الخطأ الذي وقع فيه والذي يبعث على الدهشة والاستغراب، بل السخرية، فما صلة القادسية التي تقع في البادية على مسافة بعيدة من الكوفة بالسفينة، فإن الطريق لا يزال بريًّا ولو افترضنا أنها جرت على البر بمساعد [ة] الرافعات الأوربية، فمن أين جاء جباة المكوس؟ فإنهم لا يعينون إلا على المواني، فهل علم مرغليوث بالجهاز اللاسلكي أن سفينة أبي العلاء جرت على البرِّ بصورة معجزة؟ والصواب في "القادسية" أنها "الفارسية" بالفاء والراء، وهي قرية تقع على شاطئ "نهر عيسى" بعد "محول" على مسافة فرسخين من بغداد، كما يفيدنا بذلك شرح التبريزي المسمى بـ "إيضاح السقط وضوئه" كما لا يمكن أن تعني بالقادسية "القرية التي تقع على نهر "دجيل" قريبًا من "سامراء" فإنه كان يمكنه أن ينزل بمحطة قريبة لبغداد، ومن المؤسف أن الدكتور طه حسين أيضًا قلد مرغليوث في هذا الرأي أيضًا تقليدًا أعمى (١).
يرجع الالتباس في هذا الأمر إلى البيتين التاليين من "السقط":
سارت فزارت بنا الأنبار سالمة ... تزجى وتدفع في موج ودفاع
والقادسية أدتها إلى نفر ... طافوا بها فأناخوها بجعجاع
توافقت جميع النسخ "للسقط" وطبعة "تنوير" أيضًا على كلمة "القادسية" وهذا التصحيف ليس جديدًا، فقد تعرض له الشيخ برهان الدين أبو المظفر ناصر الدين بن أبي المكارم عبد السلام المطرزي قبل ثمانية قرون ونصف، وقد نبهه على خطائه باحث من الباحثين لكنه لم يصحح وظل عليه قائمًا، فذهب به الباحث إلى عالم جليل. بخوارزم قضى بالفارسية دون القادسية.
٧ - ومما لا مراء فيه أن أبا العلاء كان يتمتع بعلاقات ودية مع أمين مكتبة يعرف بأبي منصور، وتشهد بذلك الرسالة رقم ١٩، وهذه الرسالة لا تلقي الضوء على الأحاديث المسهبة للشوق والحنين فحسب بل تشير إلى أن أبا العلاء قد أرسل إليه قصيدة لزومية في البحر الطويل ولم يبلغه أنه تسلمها أم لا.
قد وضع ياقوت وابن حجر كلاهما ترجمة لأبي منصور محمد بن الطاهر بن